المنتخب المصري لم يكن ضمن المرشحين للفوز باللقب الأفريقي قبل إنطلاق البطولة رغم أنه صاحب الأرض والجمهور ، كما أن نتائجه في المباريات الودية التي سبقت البطولة لم تكن مشجعة ، فقد استعد عن طريق مواجهة منتخبات ضعيفة المستوى ، في حين أن اللقاءات التي كانت أمام منتخبات قوية خسرها الفراعنة أو تعادلوا فيها على أقصى تقدير ، وجميعنا لا ينسى الخسارة أمام منتخب جنوب أفريقيا قبل انطلاق البطولة مباشرة.
وبالمثل ، ذهب الألمان للبطولة التي يستضيفونها وهم ليسوا من ضمن أبرز المرشحين للفوز بلقبها رغم ما لميزة الأرض والجمهور من تأثير ينصب في صالح الماكينات الألمانية بالطبع ، وذلك بسبب النتائج غير المقنعة لـ"المانشافت" في المباريات الودية وكثرة تغييرات يورجن كلينسمان المدير الفني في التشكيلة الأساسية للفريق ، فضلا عن كثرة أسفاره هو شخصيا وعدم استقراره بشكل دائم في ألمانيا ، مما عرضه لانتقادات لاذعة من وسائل الإعلام الألمانية.
كما أن تعادل الفريق أمام اليابان قبل أيام على انطلاق البطولة زاد من اعتقاد الجميع بأن الألمان لن يكونوا قادرين على الفوز بالمونديال العالمي ، ولن يفيدهم الجمهور الغفير ولا الأرض ولا حتى التحيز المتوقع للحكام ، وخاصة في الأدوار المتقدمة من البطولة.
ولكن ، وجدنا المنتخب المصري مع انطلاق بطولة أفريقيا يصول ويجول على أرضية ملعب استاد القاهرة ، ويحقق الفوز تلو الأخر ويتعادل مرة واحدة مع المغرب ، ليس لقوته أو اكتمال صفوفه وخبرة عناصره ، ولكن بفضل عوامل مختلفة تماما ، أبرزها المساندة الجماهيرية غير المعقولة التي أظهرتها جماهير مصر الوفية التي وقفت بجانب "الفراعنة" حتى وصولوا للنهائي ، ليقتنصوا اللقب من أنياب أفيال كوت ديفوار ، وحماس واندفاع اللاعبين والمساندة الكبيرة من قيادات الدولة وعلى رأسهم الرئيس مبارك ، وكذلك نجاح التنظيم ، والذي جعل الكاف يخشى على البطولة في حالة خروج الفراعنة مبكرا كما كان متوقعا.
وفي ألمانيا كانت عوامل نجاح المانشافت متشابهة إلى حد بعيد ، بدءا من الحماس والرجولة في الأداء واندفاع اللاعبين الشباب مثل بودولسكي ولام وشفاينشتيجر ، بالإضافة إلى خبرة ليمان وبالاك ، ولا ننسى وجود كلينسمان كمدرب صاحب خبرة بحكم نجوميته السابقة ، فضلا عن الجماهير الألمانية الغفيرة والمساندة القوية من المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل التي حضرت على الأقل اثنتين من مباريات الدور الأول من الملعب ، بالإضافة إلى مباراة السويد في دور الـ16.
كل هذا لا يعني أن ألمانيا باتت الأقرب للفوز بالمونديال ، وإن كانت فرص اقتناصها للقب قد زادت لهذه الأسباب مجتمعة ، لكن لا نغفل الفارق بين البطولتين ، ولا نفغل الفارق في المستوى بين المنتخبات المشاركة في كل منهما.
وفي حالة اجتياز الماكينات الألمانية لمنتخب الأرجنتين في دور الثمانية - بالطبع في حالة فوز أبناء مارادونا على المكسيك - يمكن أن نبارك للألمان ونقول لهم "بالفُم" المليان إن المستحيل ليس ألمانياً.
ومبروك مقدما لـ"الفراعنة" الألمان