فلاعبو الصفاقسي لم يهدروا فرصة واحدة لإضاعة معظم أوقات المباراة ، لاسيما في الشوط الثاني الذي استمات التوانسة في التمرغ على أرض الملعب باحثين عن دقيقة أو دقيقتين يقتلوا بهم المباراة ، فجاءت الرصاصة في صدورهم هم وفي وقت قاتل كانوا يحتاجون لمثله أكثر من عشرة أضعاف حتى يتمكنوا فقط من التخلص من صدمة "كرباج" أبو تريكة.
إنني لأتمنى أن أرى مباراة واحدة للكرة التونسية بإيقاع سريع خال من البطء والملل و"العقم" الكروي ، لكن أن تخرج مباراة نهائية لبطولة قارية كبيرة مثل دوري أبطال أفريقيا بفرصة واحدة فقط لكل فريق ، فهذا يسيء للكرة التونسية قبل أن يسيء لأداء ناد بعينه ، ويكفي أن تحاول متابعة المباراة مرة أخرى دون أن ينال منك النوم لدلالة على كلامي.
لقد هنئت - كمصري - أصدقائي التوانسة - بمختلف انتماءاتهم - على أداء الصفاقسي الشجاع في مباراة الذهاب ، وإثباته جدارته بمناطحة الفريق المصري بإحرازه هدف في شباكه في جميع المواجهات التي خاضها معه في البطولة حتى المباراة الأخيرة ، لكن في مباراة العودة فشل الصفاقسي في إثبات جدارته بوجوده حتى في المباراة النهائية بالأداء العقيم على ملعبه وبين جماهير عملا بطريقة "إللي تكسب به العب به" ، فلا طال أمجاد الشجعان ولا حتى بريق الكأس اللامعة.
وإذا كنت توقعت في مقالي السابق إخفاق الأهلي في العودة بالكأس ، فإنني سعدت أكثر من أي شخص عندما خيب الشياطين الحمر ظني ، إذ كنت أتوقع أن يلعب الأهلي بنفس الطريقة التي لا تغني ولا تسمن من جوع والتي خاض خلالها مباراة الذهاب وكنت أخشى من تأثير أزمة الشوط الثاني الذي يمر بها الفريق في الآونة الأخيرة على أسهمه في العودة باللقب ، خاصة وأن طريقة لعب الصفاقسي كانت متوقعة مثلما حدث.
بهذه المناسبة أود أن أشكر السادة الزملاء الصحفيين في أحد المواقع الأهلاوية ، فلولا "تسخين" أحدهم لوائل جمعة بسبب انتقادي له في مقالي الأخير ، لما قام مدافع الأهلي بزيارة مقر الموقع ، ولما دخلنا معا في مناقشة ممتعة ، وعدني جمعة خلالها بالعودة لمستواه خلال مباراة العودة والرجوع إلى مصر بكأس البطولة ، ووعدته أنا بأن أشيد به إذا حدث ذلك مثلما انتقدته..
لا يسعني الآن إلا أن أشيد بالمدافع المصري الدولي ، خاصة وقد ظهر في مباراة الصفاقسي الأخيرة وكأنه خلع عباءة الموسم الحالي بأدائه الهزيل ، واستبدله بقميص الإجادة الذي ارتداه في كأس الأمم فكان أحد أسباب فوز الأهلي بكأس دوري الأبطال مثلما كان أحد أسباب الفوز بكأس الأمم الأفريقية ، وأعتقد أن وائل جمعه نفسه قد أدرك الفارق على أرض ملعب رادس ، مع كل تمنياتي له بالتوفيق في الفترة المقبلة التي أتمنى أن تكون في "دوري قلب الأسد".
ودعونا لا ننس رفع القبعة للمدرب المتميز فنيا مانويل جوزيه بعدما أثبت في المباراة أنه لا يزال لديه الكثير في جعبته ليقدمه ، وأنه من النوع الذي يحتاج للمواقف العصيبة لكي يستخرج ما بداخله من تميز تكتيكي على مسرح المباريات المصيرية ، وكم من مرة احتاج فيها الأهلي لنتيجة إيجابية خارج ملعبه مع مدربه البرتغالي ، فلم تقف حواجز الأرض والجمهور أمام تحقيقه تلك النتيجة ، حتى لو كانت في تونس نفسها ، وحتى لو كانت في المباراة النهائية لأكبر بطولة أفريقية على صعيد الأندية.
وخلافا لما قد يقوله البعض من أن هذا الكلام كان سيختلف في حالة خسارة الأهلي للقب ، يكفي الإشارة إلى صافرات الجماهير التونسية طوال شوطي المباراة ، والقلق الذي اعترى لاعبي الصفاقسي في الشوط الثاني تحديدا ومطالبتهم جماهيرهم بالتشجيع والزئير أملا في أن يؤثر ذلك على معنويات "الوحوش الحمر" دون جدوى.
لقد لعب جوزيه المباراة بواقعية رائعة أعادت إلى أذهاننا بطولة 2001 ، فقرر استبدال أدائه في الشوط الأول بأدائه في الشوط الثاني ، ولعب المباراة بطريقة عكسية ، فأشرك البديل الأبدي أكوتي مانساه منذ البداية وأخرجه قبيل نهاية الشوط الأول ، بينما أبقى إسلام الشاطر المتميز على مقعد البدلاء من أجل الاستفادة به في الشوط الثاني ، وهو ما ساعد في محاصرة الأهلي لمنافسه طوال الشوط الثاني ، خاصة بعد نزول الشاطر.
أما المحجوبي "العطشان" الذي وصل للبئر دون أن يشرب ، فعليه ألا يلقي بخسارته بملعبه على شماعة التحكيم ، صحيح أن الحكم احتسب عليه ثلاثة تسللات غير صحيحة واحد منهم شكل خطورة بالغ