فلن أخوض في مشاهد مهزلة بيع تذاكر المباراة التاريخية مع برشلونة، ولكن هل أصبح جمهور الأهلي آخر ما تفكر فيه إدارة النادي؟ هل يستحق هذا الجمهور أن يكون المعروض للبيع من تذاكر اللقاء، والتي كان ينتظرها بفارغ الصبر منذ فترة، لا يتعدى 20% من إجمالي التذاكر إن لم يكن أقل؟!
إدارة الأهلي التي اتصفت بحسن تنظيم الأحداث الكبرى، وكياستها في التعامل مع القضايا التي تتعلق بالجمهور، لأنها تعلم جيدا أنه الوقود المحرك لماكيناته داخل الملعب، جانبها التوفيق عند اتخاذها قرار بيع التذاكر من خلال فرع النادي في الجزيرة فقط ومنع البيع في الفرع الآخر بمدينة نصر وهذا لا يدل إلا على رغبتها في تعذيب هؤلاء اللذين لا يدخرون جهدا لمساندة الفريق بشتى الطرق.
الإدارة بررت هذا بأنها أرادت تقليل فرصة استحواذ مافيا السوق السوداء على النسبة الأكبر منها، ولكن ما لم تعلمه أنها فتحت الباب على مصرعيه لها عندما اهدت الشركات الراعية كم هائل من التذاكر مما يساعد بكل تأكيد إلى بيعها بأضعاف الثمن، وقد جاء البرهان عندما بيعت تذكرة الدرجة الثالثة في الجزيرة بـ 120 جنيه!
ووضعت الإدارة لافتة في فرع النادي بالجزيرة تفيد بأن معظم التذاكر تم الحصول عليها بواسطة الشركات الراعية لتؤكد أن النسبة التي حصلت عليها تلك الشركات فاقت كل الحدود، وأنها تركت فتات التذاكر للجمهور!
أنا لا أعارض تماما حصول الشركات الراعية على نسبة من التذاكر لموظفيها أو حتى للترويج لمنتجاتها، فلولا تلك الشركات ما رأينا ريال مدريد وروما ولاتسيو من قبل، ثم برشلونة بكامل نجومه يوم الثلاثاء، ولكن أن تكون النسبة التي يحصلون عليها مبالغ فيها فهذا غير مقبول بالمرة.
وبالتأكيد إذا فشلت فكرة استخدام التذاكر للترويج، فستكون الشركة مجبرة على توزيعها على العاملين بها وبالتالي سيكون الباب مفتوحا على مصرعيه أمام "مافيا" السوق السوداء لاستغلال الموقف.
إدارة النادي لم تفكر في جمهورها، فكان من الأفضل أن تقوم بتحديد نسبة للرعاة حتى وإن عرض الراعي شراء كل الكمية، فهذا الجمهور يستحق على الأقل أن تحدد له نسبة عرض عادلة تمكنه من الفوز بشرف محاولة تحترم آدميته.
الأهلي لم يفكر سوى في الربح المادي وضمان بيع تذاكر المباراة، ولكن هل إذا لم يبيعها للرعاة كان سيفشل في بيعها للجمهور؟!
فمن في مصر لا يريد أن يرى ميسي ورونالدينيو وإيتو وديكو وزامبروتا وغيرهم، هل إذا طرحت 100 ألف تذكرة لن تباع؟
ما فعله الأهلي هو إعطاء الفرصة لتلك الشركات لابتزاز جماهيره باشتراط الحصول على منتجاتها أو استخدام خدماتها مقابل الحصول على التذكرة.
وقد يرد البعض قائلا بإن الأهلي ليس له ذنب وأن من الشركات قامت بدفع ثمن التذاكر وأنها قضية عرض وطلب، وسأرد بأن يكون هذا الكلام صحيح في حالة عدم شراء التذاكر قبل نزولها الأسواق، والكل على يقين بأن هذا لم يحدث وتم بيع التذاكر قبل نزولها الأسواق، والدليل كما أوضحنا مسبقا هو بيعها في فرع الجزيرة فقط دليلا على ضعف الكمية المعروضة.
فماذا يفعل عامل بسيط أو شاب عادي، يريد الترويح عن نفسه ورؤية نجوم العالم ولا يستطيع شراء تذكرة الدرجة الثالثة بـ 100 جنيه، ولم يسعده الحظ في العمل بتلك الشركات الكبرى، أو من لا يمتلك فتح حساب في البنك بـ 10 آلاف جنيه.
رؤية جمهور الأهلي في صفوف غير آدمية وأمام منفذ بيع واحد منذ الساعات الأولى من صباح يوم السبت الماضي ثم اكتشاف أن الكمية المعروضة للجماهير لا تتعدى 10 آلاف تذكرة في مباراة لن يقل عدد الحاضرين فيها عن 70 ألف مشجع يوضح قيمة النادي الأهلي عند جماهيره، وقيمة جماهيره عنده.