وليد الحسيني

هما مين .. وإحنا مين!

في عام 2001 أصدر ياب ستام مدافع المنتخب الهولندي في ذلك الوقت كتابا بعنوان "رأس برأس" عقب رحيله من نادي مانشستر يونايتد الإنجليزي وانتقاله لفريق لاتسيو الإيطالي يحكي فيه سيرته الذاتية.
السبت، 16 يونيو 2007 - 22:00
في عام 2001 أصدر ياب ستام مدافع المنتخب الهولندي في ذلك الوقت كتابا بعنوان "رأس برأس" عقب رحيله من نادي مانشستر يونايتد الإنجليزي وانتقاله لفريق لاتسيو الإيطالي يحكي فيه جزء من سيرته الذاتية وذكر فيما ذكر أن السير أليكس فيرجسون المدير الفني لمانشستر يونايتد التقي به في أمستردام في أحدي الفنادق المجاورة لمطار أمستردام خلال رحلة قصيرة وسرية قام بها في صيف 1997 للتفاوض معه للانتقال لصفوف فريقه الإنجليزي , وكان مرتبطا خلال تلك الفترة بعقد مع نادي أيندهوفن الهولندي.

بمجرد نشر كتاب ستام قامت ضجة كبيرة في الأوساط الإنجليزية والهولندية , فكيف يقوم المدير الفني لمانشستر بالتفاوض مع لاعب متعاقد مع ناد بدون إبلاغ ناديه الأصلي , وهو تصرف مشين – من وجهة نظر الأوروبيين – لانه تعارض مع لوائح الفيفا التي تمنع مثل هذا السلوك لانه يعتبر خرقا للوائح والقوانيين , وقبل ذلك فهو تصرف لا أخلاقي , وسارع نادي مانشستر يونايتد بإصدر اعتذار رسمي لأيندهوفين رغم أن الواقعة مر عليها أكثر من ثلاث سنوات ولن يقع النادي الإنجليزي تحت طائلة قوانين الفيفا , إلا أن الجانب الأخلاقي يحتم علي النادي الإنجليزي الاعتذار بصرف النظر عن القانون أو اللوائح , وهذا دليل على أنهم ناس يحترمون أنفسهم قبل احترامهم للقانون.

وفي بداية الموسم المنقضي وقع الاتحاد ال‘نجليزي عقوبة مالية علي أشلي كول الظهير الأيسر لفريق الأرسنال سابقا وجوزيه مورينهو المدير الفني لفريق تشيلسي بسبب الاجتماع الذي تم بينهما في حضور وكيل أعمال اللاعب للتفاوض علي انتقال المدافع الدولي لفريق تشيلسي , وكان هذا الاجتماع قبل المدة القانونية للتفاوض.

تذكرت هاتين الواقعتين في أعقاب الخلاف الحاد بين الزمالك واتحاد كرة القدم والأهلي بسبب المعتز بالله إينو لاعب الزمالك السابق والمنتقل حديثا للأهلي, بصرف النظر عن قرار الاتحاد بشأن العقوبة التي وقعها علي اللاعب , أو انتقال إينو للأهلي والذي تم بالفعل , وقد دارات أحاديث كثيرة واتهامات عديدة متبادلة بين جميع الأطراف خلال الفترة الماضية لمعرفة من الظالم ومن المظلوم في هذه القضية , وكل طرف يسعى لألقاء اللوم والخطأ على الطرف الاخر لتبرئة نفسه خوفا من العقاب القانوني بصرف النظر عن العقاب الأخلاقي الذي قد يشعر به الطرف المخطيء ولكن يبدو أنه أمرا لا يهم أحد في المنظومة الكروية .

المشكلة الحقيقية في أزمة إينو مع نادي الزمالك - في الوقت الذي وقف فيه مسئولي النادي الأهلي يترقبون من بعيد الموقف عن كثب- هي مشكلة أخلاقية بالدرجة الأولى , فلم يخرج الطرف المخطيء ليعلن على الرأي العام خطأه , وشارك الكل في الكذب في هذه القضية , وهذا هو الفارق بين أناس يحترمون أنفسهم والقانون في أوروبا , وبين ناس تعودوا وتربوا وتعايشوا على مخالفة قانون الاخلاق قبل القانون الوضعي أو اللوائح في بلادنا , رغم أنهم لا يتورعون عن اظهار كل ما هو عكس ذلك , وأصبح من الطبيعي أن تجد مسئولين كبار في الوسط الكروي المصري ولاعبيين يخرجون علينا من خلال وسائل الإعلام بتصريحات وآحاديث كلها كذب بعد أن يرسموا صورة الورع والتقوى على وجوههم , وهم أبعد عن ذلك بكثير.

أزمة إينو لم تكن الأولى ولن تكون الأخيرة , وفي كل عام لنا قصة ورواية مع لاعب جديد , وفي كل مرة يحترف المسئولين الخداع– وهو اللفظ المهذب لكلمة الكذب– رغم أن الجميع يدعون التدين والتقوى والخوف من الحساب يوم الحساب عند رب العباد , ولا أعرف كيف سيلقوا هؤلاء المسئولين وجه رب كريم.

الأطراف المختلفة في أزمة إينو – وهو بالمناسبة لاعب من المستوى العادي والغريب أن كل المشاكل التي تثار بين القطبين على لاعبين من هذا المستو – شاركت في حفل الخداع وقول عدم الحقيقية سواء اللاعب أو الزمالك أو الـهلي , فالغالبية العظمى من المهتمين بالشأن الكروي في مصر يعلمون علم اليقين أن إينو وقع للأهلي قبل الفترة القانونية – أوتفاوض علي أقل تقدير – إلا أن ذلك لا يمكن إثباته بالأوراق والمستندات , ولكن يمكن إثباته بالقانون الأخلاقي إلا أن ذلك من رابع المستحيلات لان الغالبية العظمى في الوسط الكروي تخلوا عن هذا القانون ورفعوا شعار "اللي تكسب به ألعب به" , كما أن نادي الزمالك شارك بدوره في الحفل عندما قدم أوراق لاتحاد الكرة يقر فيها أن مجلس الإدارة اعتمد التحقيق مع اللاعب يوم 11 مايو رغم أن الأوراق التي قدمها النادي للاتحاد تقول أن التحقيق جرى يوم 14 من نفس الشهر– هذا على حد قول مسئولي الجبلاية – وإذا صح ذلك فأن الزمالك مدان لانه لم ينجح في حفظ حقه بقول عدم الحقيقية.

اتحاد الكرة يواصل بنجاح كبير مشواره في الابتعاد عن كل ما هو كروي ويهتم بكل ما هو مادي بدعوى أن "الفلوس" هي الأهم في عالم كرة القدم المحترفة , ولم يمارس دوره في تطبيق القانون