مبدئيا أود الإشارة إلى أنني قبل كتابة هذه السطور تحدثت مع ثلاثة من الزملاء ممن أثق في حيادهم تواجدوا في مقصورة الإعلام خلال المباراة من بينهم زميل في جريدة قومية وأخر يراسل قناة فضائية وثالث تونسي الجنسية، والأهم أن الأول والثاني من عشاق الأهلي.
وما ورد على لسان هؤلاء الزملاء هو أن بعض من الصحفيين المتواجدين في الملعب فقد أعصابه تماما ودخل في مشاحنات مع لاعبي النجم الساحلي في أثناء صعودهم المدرج لتسلم الكأس لدرجة قيام واحد منهم برشق اللاعبين بالزجاجات البلاستيكية.
وقام صحفي أخر بضرب لاعب من النجم الساحلي أثناء صعوده دون مبرر ووقعت مشادة بين صحفي ثالث ولاعب أيضا بعد أن وصفه الصحفي بـ"البارد" لإضاعة الوقت، وعقب تسجيل النجم الساحلي لهدفه الثاني قفز الصحفيون التونسيون من الفرحة فكان رد أحد الصحفيين هو سبهم بألفاظ يعاقب عليها القانون، ورد عليه الصحفيون التونسيون : "وهل فعلنا بك هذا في تونس؟".
واحقاقا للحق كانت الأغلبية من الصحفيين المصريين ملتزمة كعادتها ولعبوا دورا في تهدئة زملائهم ومن بينهم الأستاذة إيناس مظهر رئيسة القسم الرياضي في "الأهرام ويكلي" حسب ما قال الصحفيون التونسيون.
ولكن للأسف الشديد شوهت المجموعة المتشنجة الصورة تماما ، ومنهم من تحول خلال أحداث اللقاء إلى مشجع درجة ثالثة بالفعل بسبب الصراخ والانفعال وخلال اليومين الماضيين نقلت هيئة الإذاعة البريطانية (بي.بي.سي) ووكالة الأنباء الفرنسية صورا مؤسفة من الملعب وأحداثا من المفترض أن يقوم الصحفي بتغطيتها بدلا من صناعتها.
والأهم من هذا كله أن خسارة الأهلي لم تكن فضيحة كما صورها البعض بل على العكس الأهلي فريق كبير في إفريقيا لا يقل عن ميلان أو ريال مدريد في أوروبا بدليل بلوغه نهائي بطولة أفريقيا أربع مرات خلال ست سنوات ولا يضيره خسارة بطولة وفي جعبته 102 بطولة، والتشنج أساء للقلعة الحمراء حتى لو كان مصدره هو الغضب من أداء تحكيمي رديء.
وقد يرى البعض أن انفعال الصحفي أو الإعلامي أمر محمود طالما أن المباراة وطنية ومن منطلق غيرة على فريق يمثل مصر، لكن للأسف هذه رؤية مغلوطة تماما لأن الصحفي مثل القاضي ومهمته سامية هي تقديم رؤية محايدة وعادلة حتى لو كان مراسلا حربيا يغطي حربا تخوضها دولته ضد الأعداء ولهذا السبب ينال الصحفيون حماية ومعاملة خاصة في كل أنحاء العالم بل وتخصص لهم مدرجات منفصلة في الملعب.
وفي اعتقادي أن وقوع هذه الأحداث جاء بسبب الشحن المعنوي الزائد قبل المباراة وإيمان الإعلاميين بأن فوز الأهلي قادم لا محالة وهي الحالة التي انتقلت بالعدوى إلى الجمهور، لدرجة أن أحد الزملاء من العاملين في مجلة رياضية أسبوعية أكد لي أن كل صفحات المجلة كانت مكتوبة وجاهزة للطبع قبل المباراة وكانت الصفحة الوحيدة الباقية هي التي تحمل تقرير اللقاء والذي سينتهي بفوز الأهلي وتأهله لليابان!!! وليس أي نتيجة أخرى.
أعرف تماما - بحكم عملي - أن طبيعة عمل الصحف هي تجهيز المادة المقروءة قبل طباعتها بدقائق قليلة للطبعة الثانية والثالثة لكن مباراة الأهلي والنجم ربما تكشف للناس أن الكثير مما يقرأوه في اليوم التالي لأي مباراة خاصة في الصحف الرياضية ذات التوزيع الضعيف يكون مكتوبا قبل المباراة وهو ما يعني – للأسف الشديد -غياب المصداقية، وكثير منا يعرف معنى "فبركة" موضوعات وتصريحات لم يحصل عليها لشعوره أن المصدر لن يغضب عند قراءتها.
وللأسف أيضا إذا فتحنا هذا الباب فسنجد أمامنا قضية المانشيتات المستفزة للصحف الرياضية الصادرة عن دكاكين الصحافة والتي تغذي التعصب الأبيض والأحمر والأصفر وتحمل شماتة في المنافس قبل أن تنقل أخبار النادي الذي تؤيده ويكتبها بعض المتعصبين.
ولا يخفى على أحد في عالم الصحافة مؤخرا أن أنجح مشروع كان إصدار صحيفة تنتسب إلى جماهير الأهلي مع وضع صورة للساحر أبو تريكة كان كافيا لضمان التوزيع أي كانت المادة المنشورة.
وأزعم أن هذه الظواهر وغيرها هي ما تسبب في تأخر مهنية الصحفي الرياضي مما دفعه للاشتباك مع لاعب بدلا من انتهاز فرصة الاقتراب منه للحصول على تصريح أو سبق صحفي.. ولماذا يفعل ذلك إذا كان الشغل معد مسبقا؟
كلمة أخيرة : قبل كتابة هذه السطور مررت بباعة الصحف فطالعني عنوان صحيفة من إياهم يقول : "الأهلي راجع بتاع زمان..وبطلوا شماتة يا نسوان" .. ولا تعليق مني سوى خشيتي في المرة المقبلة أن أطالع عنوانا من نوعية "أقعدوا مؤدبين"!!!