تحليل: كيف تسجن عشرة أفيال في ملعب كرة سلة؟

الجمعة، 08 فبراير 2008 - 05:19

كتب : أحمد سعيد

شحاتة يمنح الجدد الثقة

يحلو لكثير ممن يتناولون تحليل مباريات كرة القدم استخدام جملة "الهجوم خير وسيلة للدفاع"، وهو مفهوم يناقض المبدأ الأساسي في لعبة كرة السلة القائل إن "الدفاع المحكم طريقك للفوز" الذي نجح حسن شحاتة ورفاقه في نقله بحرفية مبهرة إلى المستطيل الأخضر حينما واجهوا أفيال كوت ديفوار.

واستخدم "المعلم" مستويات متنوعة من الدفاع مزج فيها بين الرقابة رجل لرجل ودفاع المنطقة إضافة إلى الدفاع الضاغط بطول الملعب وهي أساليب يسهل اتباعها في ملعب كرة سلة تبلغ أبعاده 28 مترا طولا و15 مترا عرضا وليس في ملعب كرة فسيح.

التزم وائل جمعة بالرقابة رجل لرجل مع ديديه دروجبا فيما طبق الجناحان أحمد فتحي وسيد معوض دفاع المنطقة بصورة راقية عندما كان قائد الأفيال يميل إلى جهة أي منهما.

هذا الأسلوب أدى إلى وجود لاعبين دائما مع دروجبا: جمعة وفتحي عندما يميل إلى جهة اليمين وجمعة ومعوض حينما يهرب إلى اليسار على الرغم من تخصيص قلب دفاع واحد فقط لرقابته، وهو الأسلوب المعروف في كرة السلة بالرقابة المزدوجة أو Double Teaming.

ولاقت الطريقة نجاحا باهرا إذ لم يستطع نجم كوت ديفوار الأخطر الهروب من هذه المصيدة طوال المباراة سوى في لعبتين سدد فيهما الكرة برأسه ولكنها وجدت الحضري منتظرا بثبات.

ولم يكتف الجناحان الرائعان بالمساندة في الرقابة ولكنهما استطاعا تعطيل المهاجمين المتأخرين سالومون كالو وعبد القادر كيتا بنجاح يحسب لهما طوال اللقاء، وهو الأسلوب الذي اعتمده شحاتة لإيقاف خطورة اللاعبين اللذين لا يظهران كثيرا في منطقة الجزاء بجوار دروجبا إلا عندما تحين لحظة التسجيل.

ولولا الحساسية المفرطة التي تعامل بها حكم المباراة إيدي ماييه مع كل التحام وأدت إلى احتساب كثير من الأخطاء على لاعبي مصر، لظهر جليا التفوق البدني والتقني الواضح لفتحي ومعوض في هذا اللقاء.

دفاع طولي

وساعد فتحي ومعوض على أداء مهمتهما الانعزال النسبي الذي كان يعاني منه كيتا في اليمين وكالو في اليسار نتيجة الضغط المبكر على الظهيرين إيمانويل إيبوي وآرثر بوكا.

فمنذ بداية المباراة ظهر واضحا أن محمد أبو تريكة لا يلعب دور صانع الألعاب المتأخر بقدر ما كان دوره مهاجما ثالثا من منتصف الملعب فيما جنح عمرو زكي إلى اليسار، ليشكل خط دفاع أول وضاغط "جدا" على إيبوي ظهير نادي أرسنال منذ استلامه الكرة في منتصف الملعب.

ونجح زكي في مهمته بامتياز، إذ لم يتقدم إيبوي بتاتا طوال المباراة ولم يتمكن من إرسال أي من كراته العرضية القاتلة، وهو ما خفف بالتالي الضغط على معوض الذي تفرغ لصراعه مع كيتا.

أما بوكا، فلم يجد من يطبق عليه ضغطا مماثلا بدءا من منتصف ملعب كوت ديفوار، ما أدى إلى اضطرار أحمد حسن في كثير من الأحيان إلى الجنوح يمينا لمواجهته فيما اضطلع فتحي في أحيان أخرى بإيقافه بمساعدة شادي محمد أو هاني سعيد، أيهما أقرب.

وبعيدا عن سباقي الأطراف والفخ الذي وقع فيه دروجبا، كانت هناك معركة أخرى طاحنة في منتصف الملعب بين ارتكازي مصر حسن وحسني عبد ربه ورقميهما الإيفواريين ديديه زوكورا ويايا توريه.

وقد لا يفطن كثير من المشجعين المتحمسين إلى الدور المحوري الذي أداه اللاعبان طوال اللقاء، لاسيما مع تناقص دوريهما الهجومي بالمقارنة مع المباريات السابقة، التي شهدت غزوات كثيرة لعبد ربه تحديدا.

ولكن استرجاع الدقائق الـ15 الأولى من الشوط الثاني التي سيطر فيها الأفيال على منتصف الملعب بسبب خلل مؤقت في القلب تكفي لإدراك الدور المبهر الذي لعبه حسن وعبد ربه على مدار الدقائق الـ75 الأخرى من اللقاء.

استغلال الفرص

وربما يتساءل البعض مع التحليل المفصل للأداء الدفاعي للمنتخب: أين الشق الهجومي؟ وكيف سجلت مصر أربعة أهداف مع المهام الدفاعية الممنوحة للجميع تقريبا؟

الإجابة ستكون واضحة مع العودة إلى نموذج كرة السلة مجددا، لأنها لعبة لا يحتاج الفريق الفائز فيها إلى الاستحواذ على الكرة أطول وقت ممكن، بل على العكس، يفوز فيها الفريق الذي يحتفظ بالكرة وقتا أقل ويستغل الفرص المتاحة له إلى أقصى درجة.

فالفراعنة لم يضغطوا هجوميا على كوت ديفوار كثيرا ولم يسجنوا الأفيال في مناطقهم أبدا طوال المباراة، بل سعوا فور الحصول على الكرة إلى الوصول إلى حدود منطقة جزاء المنافس في أقل عدد من التمريرات وخلق أكبر عدد من فرص التسجيل.

فالهدفان الأول والثالث جاءا عبر تسديدتين من على حدود منطقة الجزاء سواء من متابعة لتشتيت فقير من الدفاع في الأول أو هجمة سريعة في الثالث أما الثاني فكان مهارة رائعة من زكي الذي اقتنص كرة شاردة برأسه مباشرة في المرمى.


ارشيف مصر، غانا 2008

التعليقات