وبلا شك فأن المصري المغترب يشعر بسعادة تفوق أضعاف ما يشعر به من يعيش في الوطن، ولا أستطع وصف شعوري بالفرحة والفخر عندما تلقت مكالمات عديدة من العديد من اللاعبين الأتراك ومن الجنسيات الأخرى عقب المباراة لتهنئتي بالفوز الكبير.
وأقول لجميع لاعبي المنتخب أنتم نجوم، ولأول مرة في حياتي وطوال عمري الذي يمتد 32 عاما أرى منتخب مصر بهذه الصورة من الأداء الرائع والالتزام والتركيز داخل الملعب، فأداء المنتخب في هذه البطولة أفضل كثيرا منه في البطولات التي حصلنا عليها سواء في عام 86 أو 98 أو حتى البطولة الماضية عام 2006 التي أقيمت على أرضنا ووسط جماهيرنا.
ويرجع السبب الرئيسي في ذلك - بخلاف الناحية الفنية - أن الجهاز الفني بالكامل ولاعبي الجيل الحالي خارج الملعب أخلاقهم عالية وملتزمين دينيا ويرغبون في تحقيق إنجاز كبير لبلدهم ويمتلكون ثقة كبيرة بأنفسهم ولكن بتواضع وبدون غرور أو كبر.
ومن بداية البطولة وعقب لقاء الكاميرون قلت أن مصر هي المرشح الأول للفوز بكأس البطولة بسبب الأداء المميز والروح العالية وقد وقف توفيق الله بجانبنا لأننا نجتهد ونؤدي واجبنا.
وقبل لقاء كوت ديفوار كنت أعلم أن اللقاء سيكون صعبا للغاية ولا أنكر أن شعورا بالخوف انتابني عند معرفة تشكيل كوت ديفوار الذي ضم نجوما يلعبوا في أقوى الأندية الأوروبية، ولكني كنت واثقا من قدرة منتخب مصر على تحقيق الفوز.
ويمتلك لاعبو منتخب مصر ذكاء في الملعب يمكنهم من التفوق على مهارة ولياقة اللاعبين الأفارقة، ينجح منتخب مصر في تحقيق الفوز من خلال لعب كرات قصيرة على الأرض بدلا من لعب الكرة الطولية العالية المشتركة والتي يتفوق فيها اللاعبين الأفارقة.
من يصارع أفيال أو أسود يجب أن يصارعهم بذكاء ومن بعيد لأنه لو اقترب منهم او احتك بهم عن قرب سيأكلوه، كما أن الطريقة الدفاعية التي لعب بها حسن شحاتة باغلاق الملعب والضغط على الخصم كانت سبب رئيسي في تحقيق انتصارات كبيرة على فرق عريقة.
وبالنسبة للاعبين أود الإشادة بأداء حسني عبد ربه الذي يمكنه اللعب في أفضل أندية العالم، كما أن أحمد فتحي لم يخطىء ولو مرة واحدة منذ بداية البطولة وكان أدائه نموذجيا.
ولا أتفق مع من ينتقد أداء عماد متعب فهو يؤدي بطريقة ضاغطة على المدافعين، ما يسبب لهم ضغطا نفسيا ويجعلهم يمرروا بصورة خاطئة وهو دور لا يستطيع أحد ملاحظته ولكنني أشعر به تماما لكوني ألعب مدافعا.
منتخب مصر أعطى درسا كبيرا في هذه البطولة وهي أن الأسماء والنجوم ليست هي المقياس في كرة القدم ولكن الأهم التركيز داخل الملعب والروح العالية وتنفيذ تعليمات المدرب من دون النظر لقوة المنافس أو الخوف منه.
ملعب كرة القدم يلغي كافة الفروق الفنية ولا يهم من يلعب في تشيلسي وأرسنال وبرشلونة ومن يلعب في الاهلي والزمالك والاسماعيلي ولكن المهم هو الاجتهاد والتركيز، ومصر أعطت درسا للعالم أنهم لاعبين موهوبين و"حريفة" وقادرين على التغلب على أغلى نجوم في القارة.
مطلوب من لاعبي مصر استثمار الفرصة وخوض تجربة الاحتراف الأوروبي لأنها ستزيد من قوة المنتخب، واذا كان اللاعبين يلعبوا في الدوري المصري ويتألقوا بهذه الصورة فما بالكم لو احترفوا في أندية أوروبية كبيرة.
أما بالنسبة للقاء الكاميرون المقبل فأقول للاعبين أنكم سبب فرحة كبيرة للشعب المصري وأعتقد أنه حتى لو خسرنا - لا قدر الله - فلن نحزن وسنظل نكن لكم كل الاحترام والتقدير، ولو فزنا بالبطولة لا أعتقد أن الفرحة ستكون أكبر من الفرحة التي تعيشها الأن.
فاغتنموا هذه الفرصة لأن حلم الفوز بالكأس اقترب و"فاضل عالحلو تكة" لأن الحصول على الكأس هو شهادة النجاح الرسمية التي ستنالوها في نهاية البطولة، فالتاريخ دائما يذكر البطل فقط وتتويجكم بالكأس سيكتب أسمائكم في التاريخ وسيكون انجاز تاريخي للاعبين الذين فازوا بالكأس عام 2006، كما سيكون بداية أكثر من رائعة للاعبين الجدد بالفوز بالبطولة من خلال مشاركتهم الأولى.
في النهاية أشارككم دعاء لن أنساه طوال عمري قالته لي سيدة عجوز في المنصورة عقب فوزنا بكأس أمم إفريقيا 2006 وأسعدني بشدة، وأود بدوري أن أوجهه للاعبي المنتخب وهو "ربنا يفرحكم في الاخره زي ما فرحتونا في الدنيا".