وبالطبع سيظل قرار الحضري بالانضمام إلى نادي سيون السويسري محل جدل في الأيام المقبلة لاسيما في واقع كروي مصري يتسم بالتخبط وبأناس يفسرون القواعد كل حسب فهمه أو مصلحته.
فبعضهم سيسميه "هروب" والبعض الآخر سيكتفي بوصف "الرحيل" وفريق ثالث سيلتزم بالتوصيف القانوني وهو أن الحضري "فسخ التعاقد من جانب واحد".
ومهما اختلف المتابعون حول أخلاقية رحيل الحضري، فإنه في النهاية استفاد من مادة في قوانين الاتحاد الدولي لكرة القدم، وهي مادة متاحة للجميع.
وفي المقابل، فإنه كان يتعين عليه إخبار الأهلي ووسائل الإعلام بهذا القرار وبشكل يليق بأفضل حارس في إفريقيا بدلا من فتح الباب للجميع لاتهامه بالهروب.
وحتى نعلم ما إذا كانت رقصة الحضري أمام المصري البورسعيدي هي الأخيرة له مع الأهلي أم أن هناك فاصل آخر في هذه العلاقة، هناك سؤال هام يبحث عن إجابة: لماذا أقدم الحضري على هذه الخطوة؟
أسباب قليلة هي ما قد تدفع نجم بحجم الحضري لترك ناد بحجم الأهلي بهذا الأسلوب البوليسي .. يبرز من بينها في هذه الحالة العامل المالي والتقدير المعنوي كأقرب الاحتمالات.
فحتى مع المستوى العالي الذي يحافظ عليه الحضري منذ 2006 وحتى الآن وحصوله على لقب أفضل حارس في بطولتين للأمم، فإن أحدا لا يستطيع الوقوف ضد الزمن.
ومع بلوغ الحضري عامه الـ35 فإنه يعلم أن أمامه موسمين على الأكثر بالمستوى نفسه قبل أن يبدأ المنحنى في الهبوط، وهو ما يعني ضرورة استغلال أفضل الفرص المتاحة لتأمين مستقبل مادي أفضل.
ومهما كان يحصل الحضري من الأهلي سواء رسميا أو وديا، فإن احترافه في ناد مهدد بالهبوط في الدوري السويسري الضعيف قد يحمل له فائدة مالية ربما تصل إلى الضعف .. ولا ينكر أحد أنها فرصة لا تعوض للاعب كرة في هذه السن ويلعب في هذا المركز.
ولكن المال ليس الدافع الوحيد، فقد يكون إحساس الحضري بنوع من الغبن في الأهلي له دور كبير في قرار خوض هذه المغامرة.
فعلى الرغم من أنه من أكثر اللاعبين تحقيقا للبطولات مع الأهلي – إن لم يكن أكثرهم – والشعبية الكبيرة التي يتمتع بها بين الجماهير الحمراء، فإن الحضري عادة لا يبدو في الموقع الذي يستحقه داخل النادي.
فعندما يهبط الحضري من فوق العارضة بعد احتفال ببطولة جديدة، ويخرج من الملعب وتطفأ أضواء استاد القاهرة، يجد الرجل الذي لايزال تشوب لهجته القاهرية بعض القصور تجاهلا كبيرا.
فالجميع يعلم أن الحضري ليس له أصدقاء كثر داخل الوسط الكروي، وأنه ليس وجها إعلاميا شهيرا، وحتى شارة القيادة التي تعد مصدرا لفخر من يرتديها تم حرمانه منها للأبد.
وعندما يفتقد شخص ما التقدير المالي والمعنوي المناسب لإمكانياته وما يقدمه، فإنه قد يقدم على أي خطوة حتى وإن كانت تتسم بالجنون.