هذا المشهد لا تحتاج للسفر إلى النمسا وسويسرا لتحضره ولكن ميكروباصا مصريا يقطع الطريق من بولاق الدكرور إلى ميدان رمسيس سيكون موقعا رائعا لأحداثه وأبطاله هم مجموعة من الشبان المصريين.
المشهد لم يكن نشازا في الحياة اليومية لأغلب المصريين في فترة إقامة كأس الأمم الأوروبية 2008 فالبطولة التي تحتكرها شبكة الجزيرة الفضائية دفعت الكثير من المقاهي إلى إعادة استعداداتها في بطولة الأمم الأفريقية ودوري أبطال أفريقا إلى الصورة بتنظيم كراسيها في انتظار روادها الذين يتعدون العشرات.
وتشجيع المصريين لمنتخبات أوروبية إلى جانب منتخب أو في بعض الأحيان أكثر من منتخبهم يظهر في أكثر من صورة بداية من منتديات تشجيع هذه المنتخبات المختلفة والتي يتخطى أعضائها في بعض الأحيان الألفين والثلاثة.
ولو كان ذلك الاهتمام قاصرا على مجموعة صغيرة من المشجعين لما أطلقت الفروع المصرية لشركات عالمية حملات إعلانية متزامنة مع البطولة ولم تكن المواقع ووسائل الإعلام الرياضية المختلفة لتقدم هذه التغطية الإعلامية التي تحاكي الاهتمام بالبطولات الأفريقية التي يشارك فيها المنتخب المصري.
وهذا يطرح سؤالا حول الأسباب التي تدفع مصريا لم يسافر يوما إلى بلد أوروبي ولا تربطه به أي روابط ثقافية بل تختلف لغته وخلفيته الاجتماعية كليا عن هذه البلدان.
فتشجيع المصريين لبعض الأندية الأوروبية قد يكون نتيجة لعدم إشباع الأندية المحلية لنهم هذه الجماهير لكرة جميلة وممتعة ولهذا تتجه لمتابعة بطولات الدوري الأجنبية وبالتالي اختيار فريق يشجعونه إما لنوعية اللاعبين الذين يضمهم ويدرج على إخراجهم في كل موسم، وإما للأسلوب الخططي الذي يميزه إما دفاعا أو هجوما، وإما لحصده العديد من البطولات الأوروبية والمحلية في بلاده.
ولكن ما الذي يجعل مشجعا يرفع علم بلد غير بلده ويبكي لضياع فرصة تأهل بلد لا يجيد نطق لغته لبطولة قارية كان يتمناه بطلا لها؟ مع الافتراض أن الدافع المنطقي الأول لتشجيع منتخب يرجع لانتماء المشجع لهذا البلد.
البعض يدفعهم إلى ذلك إعجابهم بلاعب في العصر الذهبي لهذا المنتخب من أمثال روبرتو باجيو بالنسبة لإيطاليا وديفيد بيكام بالنسبة لإنجلترا وراؤول جونزاليس بالنسبة لأسبانيا أوالفرنسي زين الدين زيدان.
هذا الإعجاب الفردي بلاعبين مميزين على مدار تاريخ كرة القدم ينتقل بالبعض إلى حب لثقافة البلد ذاته ولأهله وهو ما يجعل مصريا يقول لصديقه "سنكتسحكم اليوم" قاصدا مباراة إيطاليا أمام فرنسا قبل رصده لتميز إيطاليا في الموسيقى والأزياء وحتى أناقة المطبخ الإيطالي.
في المقابل ستجد صديقه يؤكد أن الفرنسيين عندما يسمعون النشيد الوطني الذي يحفظه عن ظهر قلب على الرغم من عدم تحدثه الفرنسية بطلاقة لكنه يقول إن المنتخب الفرنسي يجسد تعدد الثقافات التي تيمز مجتمع فرنسا ظاهرا في الألوان المختلفة لبشرة لاعبيه مطلقا صيحة "فيف لا فرانس".