وقبل الحديث عن تفاصيل المباراة وتحليلها خططيا، لا أذكر نهائي بحجم كأس الأمم الأوروبية شهد كل تلك الفنيات من منتخب مثلما فعل الفريق الإسباني.
فالنهائي الرائع الذي جمع منتخبين مميزين انتهى بشكل نموذجي، حين اختار القدر الفريق الأفضل طوال البطولة وتوجه بكأس مستحق.
خلال تحليل ما قبل المباراة أشرت إلى أن إصابة ديفيد بيا جاءت ميزة للمنتخب الإسباني بعدما أجبرت مدربه على اعتماد طريقة 4-1-2-2-1.
فمع خماسي الوسط تقلصت المساحات بين الخط الخلفي والوسط لأن ماركوس سينا تفرغ للدفاع، كما أدى وجود شابي هرناندز مع سيسك فابريجاس إلى ربط الوسط بالهجوم.
وكما ذكرت، ظهرت المساحات خلف الظهير الأيسر كأكبر ثغرات ألمانيا، فعلى مدار البطولة بأكملها لم يجد فيليب لام ظهره محميا في أي هجمة ضد بلاده.
سبب ذلك أن قلبي الدفاع لا يضغط خلف الظهير، كما أن ثلاثي الارتكاز يستقر في العمق من دون دعم الظهير، وهنا جاء عمل مدرب إسبانيا لويس أراجونيس.
فالمنتخب المنتخب الإسباني يملك طرفين مهاجمين هما ديفيد سيلفا الذي يعد جناحا بالفطرة يفتح الملعب بحثا عن المساحات، وأندريس إنيستا الذي يتحرك بطبيعته للعمق.
حول أراجونيس سيلفا إلى اليمين ليجبر لام على التحرك معه لأقصى الطرف، ما أنتج مساحة بين لام وميتزلدر شغلها توريس بسرعته وسجل منها هدف التتويج.
في المقابل، اعتمد المنتخب الألماني بكل ثقله الهجومي على الجانب الأيسر حيث يتواجد لوكاس بودولسكي، ولكن تألق سيرجيو راموس وجهد سينا درأ الخطر.
وبعد شوط كامل فطن يواخيم لويف لثغرة ألمانيا، ولكنه عاملها بسذاجة نوعا ما حين استبدل لام بمارسيل ينسن كأن المشكلة كانت في اللاعب.
وبرغم ذلك كان المنتخب الألماني قادرا على العودة لولا تضخم الأزمة بمشاركة كيفين كوراني جوار كلوزه ما مثل عبئا إضافيا على الوسط وبالاك الذي اضطر لدعم فرينجز دفاعا بدلا من لعب دور صانع الألعاب.
كان على لويف اعتماد الأسلوب الإيطالي بإشراك ورقة دفاعية مثل بسايمون رودلفز تحرر بالاك هجوما وتجعله يتفرغ لصناعة الفرص لبودولسكي وباستين شفاينشتيجر.
ولأن أراجونيس كان يخوض أفضل مبارياته، جاء توقيت مشاركة شابي ألونسو على حساب سيسك مثاليا، لتزامنه مع قرار لويف بمنح حرية الحركة لبودولسكي وشفايني.
فالتغيير تبعه تعديل في الملعب، إذ شارك شابي ألونسو كلاعب ارتكاز في موقع سينا، وبات سينا أشبه بقلب دفاع في وسط الملعب يراقب بودولسكي أينما ذهب.
وحين دخلت المباراة مرحلة الدقائق الأخيرة ظهر تفوق مقعد بدلاء إسبانيا على نظيره الألماني.
ففي حين امتلك أراجونيس رفاهية تنشيط فريقه بأوراق مثل سانتي كازورلا ودانيل جويزا لم يجد لويف سوى ماريو جوميز للجوء إليه!
في المجمل لم يظهر المنتخب الألماني رديئا للحد الذي قد يظهر مع تحليلي للمباراة، لكن تسليط الضوء على أهم القرارات الخططية في اللقاء هو ما قد يمنح هذا الشعور.
فوصول الماكينات للنهائي كان مستحقا، تماما مثل تتويج إسبانيا باللقب .. وأخيرا وداعا كأس الأمم الأوروبية التي أظهرت لعبة كرة القدم كما ينبغي لها أن تكون.