قررت عدم الاندفاع بالكتابة في أزمة التوأم الأخيرة إلا بعد سماع جميع وجهات النظر وقراءة كافة التقارير الخاصة بأحداث لقاء بجاية خصوصا أن لقطات الفيديو التي نقلها التلفزيون الجزائري لم تكن محايدة بالمرة.
وللأسف الشديد رغم المشاعر العدائية التي واجهتها بعثة المصري لم أجد ما حدث داخل ملعب المباراة يبرر أبدا الحالة العصبية التي أصيب بها إبراهيم حسن الذي سقط بسذاجة في فخ الهجوم الجماهيري المصحوب بإخراج تلفزيوني ليكرر سيناريو مباراة المغرب الشهيرة التي دفع الثمن فيها عاما كاملا من حياته كمحترف.
ولا أستطيع حتى هذه لحظة تصور أن لاعبين يملكان حجم خبرة التوأم سواء بعدد المباريات الدولية أو بالضغوط التي تعرضوا لها على يد أكبر جمهورين في مصر (أهلي وزمالك) يمكنهما الوقوع في فخ شبيبة بجاية .. بل أطرح عليهما تساؤلا "هل كنتما تنتظران استقبالا بالورود داخل ملعب جزائري وألم تشاهدا مباريات نادي وفاق سطيف في النسخ السابقة من دوري أبطال العرب؟".
ولقد سمعت خلال اليومين الماضيين تعليقات من نوعية "التوأم رجالة" و"دمهم حر" وهي سمات تنطبق عليهم فعلا ولكن اسمحوا لي أن أرى أن الرجولة الحقيقية هي ما قدمه لاعبو الإسماعيلي وجهازهم الفني عندما عزلوا أنفسهم عما يحدث خارج المستطيل الأخضر وركزوا في الرد على الجماهير بأربعة أهداف وكأنهم يردون الصاع صاعين "للأشقاء" مع كل هدف.
للأسف الشديد كان النادي المصري صاحب حق لكن انفعالات إبراهيم وإشارات يده للجماهير أهدرت الحق تماما وأحرجت الفريق ومهما حاول الاتحاد المصري الدفاع عن النادي المصري فستبقى في الأذهان صورة ابراهيم "مهيج الجماهير" خصوصا مع تاريخ التوأم المعروف بالعصبية.
وللأسف أيضا لم يتخلص التوأم من عيبهما الأخطر طوال تاريخهما وهو الانفعال الزائد عن الحد وهو ما يتناقض مع مهنة التدريب المعروفة بضغوطها العصبية وحاجة المدير الفني لثبات انفعالي يسمح له باتخاذ قرار تكتيكي في اللحظات الأخيرة من المباراة وهي مهارات ربما لم يحتاجها حسام مع المصري لأن فريقه يمر بمرحلة إعادة بناء ولم يدخل في صراعات تكتيكية مع مدربين كبار.
التوأم يصبان غضبهما منذ بداية الموسم على التحكيم وتسبب حسام في تعرضه للطرد أمام شبيبة بجاية عندما تحدث مع الحكم الرابع مطالبا باحتساب "فاول" للمصري تماما مثل أي لاعب ناشيء! .. ويتناسى التوأم كم القرارات العكسية التي احتسبت لصالح الأهلي والزمالك عندما لعبا في صفوفهما.
ولأنني أحب موهبة وحماس التوأم أرى أن عليهما التروي أولا قبل قبول أي عرض تدريبي جديد، فإما أن ينضجا تماما وهو أمر مشكوك فيه أو عليهما الإتجاه إلى مجال آخر مثل التحليل التلفزيوني مثلا وهما أقدر من الكثيرين ممن نشاهدهم يوميا.
ومن ناحية أخرى، كما أرى أخطاء حسام وإبراهيم في مباراة بجاية لا أرى أي ضرورة للاعتذار للأشقاء الجزائريين نيابة عنهما كما يطالب البعض لأن ما حدث في المباراة كان واقعة فردية يملك مرتكبيها وحدهم حق الاعتذار وليست الكرة المصرية أو جمهورها.
والأشقاء الجزائريون ملزمون بتفسير سر الأسلوب العدائي الذي يتم مقابلة به الفرق المصرية في ملاعبهم، وحتى إن لم نحظ بودهم، فمنظمو المباريات وأمن الملاعب ملزم أن يعطينا تفسيرا عن "ترسانات الصواريخ النارية" التي تدخل الملاعب الجزائرية وهل يتفق هذا مع لوائح الفيفا أو الكاف أو حتى اتحاد "الدول اللي مش طايقة بعضيها" الذي نظم مباراة شبيبة بجاية.
ومن الظلم كل الظلم أن يزعم أحدهم أن ما فعله التوأم سيثير الجماهير الجزائرية ضد منتخبنا في تصفيات كأس العالم في مباراة الجزائر مع مصر يوم 6 يونيو المقبل وذلك لأن الجماهير الجزائرية ثائرة علينا من تلقاء نفسها حتى لو لم يكن لديها أمل في التأهل بدليل ما تعرضنا له في مباراة عام 2001.
ولا خوف على أبطال إفريقيا من مباراة يونيو المقبل طالما ظهر لاعبوه كما عودونا ولعبوا بالرجولة التي أظهرها الإسماعيلي مع اتحاد العاصمة أو حتى الأهلي في مبارياته الإفريقية في الجزائر، وعلينا أن نتوقع الأسوأ في المدرجات وعليهم هم أن يتوقعوا أداء بطوليا مننا داخل المستطيل الأخضر.
ملحوظة أخيرة: معتز الدمرداش مقدم برنامج "90 دقيقة" ومعدو البرنامج أعطوا درسا حقيقيا لكافة مقدمي البرامج الرياضية في مصر في فن الحوار التلفزيوني خلال الحلقة التي استضافوا فيها التوأم .. هل يا ترى لأن معتز وزملائه لم يمارسوا كرة القدم من قبل؟
معتز -الذي لم يسبق لي مقابلته في حياتي ولا تربطني به أي مصلحة - كان قمة في المهنية .. محدد الهدف من البداية.. حافظ على حياده وطرح كافة الأسئلة التي شغلت المشاهدين دون أن يفرض رأيه أو يدخل في مواجهة مع ضيفيه .. حصل في النهاية على الإجابات التي يريدها دون تنظير أو خطابة .. فهل يتعلم منه مقدمو برامجنا الرياضية شيئا؟