شريف حسن

سقوط اتحاد الكرة

عندما تتقدم كمتطوع لإدارة مسؤولية ما، عليك أن تعي جيدا مهام عملك ومطالبه ولا تكتفي بخبرة مزعومة، وإمكانات مالية أو بشرية لن تنفعك عندما تفشل إداريا.
الخميس، 14 مايو 2009 - 19:52
عندما تتقدم كمتطوع لإدارة مسؤولية ما، عليك أن تعي جيدا مهام عملك ومطالبه ولا تكتفي بخبرة مزعومة، وإمكانات مالية أو بشرية لن تنفعك عندما تفشل إداريا.

وعكست الفترة الأخيرة من الدوري عجز اتحاد الكرة أمام حل جميع المشكلات الإدارية بعدما تفرغ أعضاء الاتحاد "الفضائي" لأعمالهم التجارية والتركيز في سبوبة "تسويق الدوري".

فرغم روعة المنافسة في الدوري الممتاز كما أشرت منذ بداية الموسم سواء في القمة أو القاع، ظهر اتحاد الكرة كأسوأ وأضعف حلقات المنظومة وأثبت فشله الإداري الذي كان يخفيه خلف ضعف المسابقة.

فلا أدري كيف يخرج رئيس الاتحاد ليطالب الأندية بالتنازل عن لاعبيها الدوليين، رغم مشاركتهم في بطولة قارية، لخوض مباراة ودية مع المنتخب .. والخطأ يرجع في الأساس للجنة مسابقات لا تعرف المسابقات المقامة ومواعيدها.

فعندما ودع الأهلي دوري أبطال إفريقيا وانتقل إلى الكونفدرالية ارتبكت استعدادات المنتخب لتصفيات كأس العالم وكأس القارات، وهو ما يعد كبرى الفضائح الإدارية لاتحاد الكرة في الموسم الكارثي.

فقد بدأ الموسم بأزمة البث الفضائي مع الأهلي والتي عكست جهل اتحاد الكرة بحقوق تسويق اللعبة، مما دفعه لتضليل الرأي العام حول من يملك تلك الحقوق حتى تدخلت الجهات العليا لحل الأمر.

وواصل اتحاد الكرة فصوله الباردة عندما سمح بقيد الإيفوراي زيكا جوري في صفوف إنبي ومشاركته في لقاء بتروجيت في قبل نهائي كأس مصر في مخالفة صارخة لقواعد الاتحاد الدولي بعدما شارك اللاعب مع ثلاثة أندية في موسم واحد، وهو ما يجهله الاتحاد المصري "كالعادة".

إلا أن قضية جوري لم تتوقف عند هذا الحد خاصة بعد أن تدخل وزير البترول لمنع بتروجيت من التقدم بشكوى ضد شقيقه إنبي بل فتحت المجال أمام التحدث عن تواطؤ أندية البترول والتنقيب عن لغز المادة 18.

ورغم كثرة المشاكل والمخالفات الإدارية إلا أن الأمر ظل في طي الكتمان بسبب سيطرة أعضاء الاتحاد على القنوات الفضائية التي باتت الموجه الرئيسي للرأي العام الرياضي في مصر والوسيلة المسيطرة على تحريك الرأي العام أو إخماده، والأمر يرجع بالطبع إلى "المصلحة".

قبل أن يظهر الاتحاد المبجل عاجزا أمام شكوى بعض الفرق بشأن عدم تطبيق المادة 18 من قانون الاتحاد الدولي خاصة أنه كان يجهل أن امتلاك وزارات البترول والدفاع لأكثر من ناد في الدوري الممتاز يبطل شرعية المسابقة.

ورغم الاختلاف مع مقدمي الشكوى بسبب بحثهم فقط عن مصالحهم، بالإضافة إلى عدم إمكانية إثبات ترابط أندية الوزارات على الورق، إلا أن الأمر برمته يحتاج بشدة إلى إعادة نظر.

كما أن النهاية غير المتوقعة للموسم شهدت مزيدا من التخبط في إدارة الكرة المصرية، فالموسم التنافسي الرائع فرض في ثلثه الأخير على بعض الفرق أن تخوض مبارياتها خارج ملعبها وبدون جماهير، مما يعد ضربا صارخا لمبدأ تكافؤ الفرص.

وعندما شعر مسؤولو اتحاد الكرة بظلمهم لفرق مثل الإسماعيلي الذي ينافس على اللقب جاملوه على حساب الاتصالات الذي ينافس على الهبوط بحجة زحف جماهيره لمؤازة فريقهم رغم أن الدراويش محرومون من تلك الجماهير على ملعبهم!!!.

الخلاصة أن اتحاد الكرة ارتكب تقريبا كافة الأخطاء الإدارية على مدار الموسم الحالي بدءا من سوء تنظيم المسابقة المحلية وقيد اللاعبين المحليين والمحترفين حتى الوصول إلى مخالفة اللوائح التنظمية للاتحاد الدولي.

والغريب أن مسؤولي الاتحاد لم يعترفوا حتى الآن بأخطائهم، ومازالوا يتفاخرون بإنجازات التسويق "الوهمية" التي يقدمونها إلى الرأي العام، بل ويهاجمون إدارات الأندية بحجة الخوف على "المصلحة العليا للمنتخب".

فمع احترامي الكامل للشخصيات الرياضية داخل المجلس، إلا أن التجربة أثبتت بما لا يدع مجالا للشك أن ممارسة كرة القدم فقط لا تكفي لكي تصبح إداريا ناجحا.

فالإدارة هي دراسة وقدرة وموهبة وليست مجرد وسيلة للتلميع والظهور في البرامج التلفزيونية.

ملحوظة أخيرة:

استاد المكس بالإسكندرية يسع 25 ألف متفرجا، ويملك بوابتين فقط لدخول الجماهير، واتحاد الكرة ينوي إقامة المبارة الفاصلة على الدوري بين الأهلي والإسماعيلي عليه .. أحذر من الآن بخطورة الموقف، وربنا يستر على الكرة المصرية.