بعد تعرض منتخب مصر لهزيمة قاسية على يد منتخب الجزائر بثلاثية ناتجة عن أخطاء فردية من اللاعبين واحتلالنا قاع المجموعة سيكون أمام الرأي العام المصري اختيار رد فعل من اثنين.
إما شن حملة غاضبة على الجهاز الفني واللاعبين تؤدي لانتكاسات في بطولة كأس القارات التي نلعب خلالها ضد أقوى منتخبات العالم .. أو التماسك ومساندة المنتخب.
وبشكل عملي وعلمي وقومي وبكل المقاييس علينا أن نتماسك بداية من الآن وحتى ما بعد كأس القارات التي قد نتعرض فيها لخسائر ليست ناتجة عن تراجع مستوى منتخبنا بقدر ما تعكس الفارق الكبير بينه ومنتخبات في حجم البرازيل وإيطاليا.
التماسك .. بل والشد من أزر شحاتة ورجاله هو الحل الوحيد أمام أي مواطن مصري يحب بلده .. وأعرف جميعا أن هناك من سيصرخ في وجوهنا غدا "لماذا استبعد ميدو؟" .. و"لماذا أشرك الحارس الهارب" .. و"لماذا لم يدفع بعيد عبد الملك مبكرا" وعشرات الأسئلة التي كان من الممكن أن تتحول إلى أنشودة عن عبقرية شحاتة لو سجل أبو تريكة هدفا في الشوط الأول.
لا يوجد أمامنا سوى أن نتماسك وألا ننهار ولا نترك الإحباط يتسلل إلى نفوس لاعبينا والتشكيك في كفاءتهم .. بل اسمحوا لي أن اقترح أن نستقبل شحاتة بالورود تماما كما فعلنا مع غيره خصوصا أن الرجل جاء لمصر بـثلاث بطولات قارية مع الكبار والناشئين حتى لا نهز ثقته أمام لاعبيه.
والمشكلة الخطيرة أن اللاعب المصري حالته النفسية تؤثر بصورة خطيرة على مستواه في الملعب ولنا في الإحباط الذي تعرض له لاعبو الأهلي في كأس العالم للأندية بعد خسارتهم أمام باتشوكا عبرة مما أفقدهم التوازن في مباراتهم الثانية ليخسروها أمام فريق يقل عنهم تماما في مستواه الفني.
وبالمناسبة إذا تخلينا عن غضبنا وفكرنا في أسباب منطقية تدفعنا للتماسك فقد نكتشف الآتي :
أولا : من الناحية الفنية .. نعلم جميعا أن مستوى منتخب مصر ولاعبيه أفضل كثيرا مما قدموه في أول مبارتين أمام زامبيا والجزائر، وفي مباراة البليدة كان الفراعنة أفضل في الشوط الأول وأهدوا منافسهم الفوز بمحض إرادتهم وهو ما يعني أن تدارك الأخطاء وارد ويعني إننا لا ننافس منتخبات أقوى منا في حجم كوت ديفوار مثلا أو غانا وإلا كنا سنقول "إنسوا يا فراعنة".
ثانيا : من الناحية الرقمية .. منتخب مصر يلعب في الجولتين المقبلتين مع رواندا ذهابا وإيابا وفي حال فوزه بالمباراتين سيجمع ست نقاط كاملة أما منتخبا الجزائر وزامبيا فسيلعبان سويا مبارتين قد تنتهيا بتعادلين ليجمع كل منهما نقطتين، أو يتبادلان الفوز فيجمع كل منهما ثلاث نقاط وهي احتمالات واردة جدا ، اما الاحتمال الأسوأ فهو فوز أحدهما ذهابا وإيابا وهو أمر مستبعد في ظل تقارب المستوى، وهذا يعني أن تأهلنا مازال بأقدامنا.
ثالثا : من الناحية النفسية .. لو وفر الرأي العام ووسائل الإعلام واتحاد الكرة المناخ المناسب لشحاتة فسيكون في وسعه اللعب بأعصاب هادئة في كأس القارات حتى لو خسر مبارياته الثلاث وهذا بالمناسبة ليس عيبا لأن حتى دونجا وليبي مدربا البرازيل وإيطاليا قالا إنهما لا يهدفان للفوز بقدر ما يهدفان لتجربة لاعبي المنتخبين استعدادا لتصفيات المونديال.
وفي جنوب إفريقيا يدخل الجهاز الفني واللاعبون ما يشبه المعسكر المغلق بعيدا عن مصر وقد يستطيع شحاتة تصحيح الأخطاء والاستفادة من التجارب التي يدخلها المنتخب وإعادة التوازن النفسي .. لكن قبل أن يقوم الرجل بهذه المهمة عليه أن يشعر هو نفسه بالتوازن وبإيماننا بقدراته.
رابعا : من الناحية العملية البحتة منتخب مصر يمر بفترة حرجة مليئة بالارتباطات الدولية المهمة ومن بينها التأهل إلى كأس الأمم الإفريقية حتى في حال فشلنا في بلوغ كأس العالم، ولا مجال الآن لاستبدال شحاتة وجهازه أو حتى استبدال القوام الأساسي للمنتخب.
وفي النهاية فلنتذكر جميعا أن هذا الفريق ليس منتخب شحاتة ولا زاهر ولا الحضري بل هو منتخب بلدنا .. و"يلا نشجع مصر".