دفع الجمهور المصري ثمن هبوط مستوي منتخبه وتراجع نتائجه غاليا ، من اماله واحلامه وطموحه بالوصول لنهائيات كأس العالم ، بعدما فشل اللاعبين في استعادة مستواهم السابق علي مدار ما يقرب من عام ونصف العام ، واصروا علي حالة الاستهتار التي يعيشونها بسبب حالة التشبع المادي بفعل الاموال الكثيرة التي اغدقت عليهم ، وهو ما يؤكد ان ثقافة الاحتراف لدي اللاعب المصري مرتبطة بالنواحي المالية لا اكثر ، ويتحمل اللاعبين مسئولية ما حدث سواء في الجزائر أو قبلها ، وان كان ذلك لا يعني تبرأة الجهاز الفني من تحمل جزء من تلك المسئولية ، ولم يكن اغلب اعضاء الجهاز الفني للمنتخب متفرغين للفريق ولكن كانت هناك مشاغل اخري سواء شخصية أو نفسية .
اللاعبون الكبار تراجع مستواهم بشكل مثير للريبة ، ولعب بحث هؤلاء اللاعبين عن عروض احتراف " مادية " وليست فنية ، دورا كبيرا في هذا التراجع ، فحسني عبد ربة رفض الاستمرار مع الاسماعيلي وفضل الذهاب للدوري الاماراتي الذي لا يرتقي لمستوي الدوري المصري ، وهو نفس ما فعله عصام الحضري الذي ترك النادي الاهلي وانتقل للعب في نادي سيون السويسري ، ومعه تراجع مستواه بشكل رهيب ولم يعد السد العالي ، كما ان عمرو زكي غاب عن مستواه منذ شهر نوفمبر الماضي ، ولم يسع لإستعادة رونقه ، بخلاف محمد شوقي الغائب عن المباريات منذ احترافه في نادي ميدلسبرة الانجليزي ، بالاضافة الي تراجع مستوي خط الدفاع منذ فترة طويلة ، الا ان الانتصارات كانت تغطي علي كل السلبيات .
المثير للدهشة ان جميع المسئولين سواء الجهاز الفني أو اعضاء مجلس ادارة الاتحاد رأوا تراجع مستوي الفريق الوطني امامهم علي مدار ما يقرب من عام ونصف ، ولم يحرك احد منهم ساكنا ، ولم يبحثوا اسباب التراجع أو طريقة معالجته ، وتفرغ مسئولي الاتحاد لحل خلافاتهم الشخصية ومحاولة الصلح بين السادة اعضاء مجلس الادارة ، ولم يلتفت احد لوضع الفريق الصعب في التصفيات الاولية للمونديال القادم ، وكـأنه اخر همهم ، وقد يكون الموقف الصعب الذي يعيشه المنتخب المصري في هذه الاونة جرس انذار للجميع لترك الصغائر والبحث عن حلول سريعة تعيد هيبة الفريق المفقودة لبطل افريقيا لان ضياع حلم اللعب في نهائيات كأس العالم لن يعوضه الفوز ببطولة الامم الافريقية مرتين متتاليتين .
فقد المنتخب المصري في تصفيات كأس العالم اهم اوراقه الرابحة التي كان يعتمد عليها ، وهي الروح العالية والاصرار الذي كان يميز الفريق ، ويبدو ان هذه "الروح طلعت " ولم تعد بعد ان شبع اللاعبين من الفلوس - وهذا هو طموحهم - وظهروا وكأنهم اشباح ليس في مباراة الجزائر الاخيرة فقط ، بل منذ انتهاء بطولة الامم الافريقية ، ولعل الجميع يتذكر الان الموقف الصعب الذي عاشه المنتخب في التصفيات الاولي ، عندما توقف تأهل مصر للدور الاخير من التصفيات علي ضرورة الفوز علي الكونغو ، وكان ذلك جرس انذار ، ولكن لم يلتفت احد لذلك ، وكالعادة غطي الفوز والتأهل علي ما يعانيه الفريق ، حتي جاءت لقاء الجزائر ليستفيق الجميع علي الكارثة التي تنتظر منتخب مصر .
إذا كنا نحترم عقول الناس يجب ان نكون منطقين ، ونعترف بأن فرص المنتخب في التأهل لنهائيات كأس العالم تضاءلت الي اقصي درجة ، الا انها مازالت قائمة بالحسابات النظرية، وهذه الحسابات تتطلب فوز المنتخب في المباريات الاربعة المتبقية ،وهنا يطرح سؤال اخر ، هل هؤلاء اللاعبين بهذا المستوي قادرين فعلا علي الفوز ؟! الواقع يقول انه لن يكون بالامر ليس بالسهل في ظل هذا المستوي "المقرف " الذي يعيشه اللاعبين ، ورفض الجميع الاستماع للاصوات التي كانت تنتقد اداء المنتخب علي مدار عام ونصف ، وبنوا جسور عالية حول المنتخب وجهازه ممنوع الاقتراب منها ، وكل من كان يوجه كلمة نقد كان يتم التعامل معه علي انه خائن وهو امر دفع المنتخب ثمنه غاليا وقبله الجماهير المتعطشة للفرجة علي منتخب مصر في كأس العالم .