في رأيي الشخصي -الذي يحتمل الصواب والخطأ- أجد عدة عناصر وأشخاصا بعينهم كان لهم الدور الأساسي في تراجع فرص مصر للوصول لكأس العالم لثالث مرة في تاريخها وسوف أوجزها في عدة نقاط.
الإعلام ثم الإعلام ثم الإعلام
فور سحب القرعة صوّر لنا الإعلام المحلي -خاصة الصحف والفضائيات- على أنها أسهل المجموعات الخمس، وصور لنا الجزائر على أنها أسهل خصم ممكن مواجهته، فنحن أبطال إفريقيا مرتين متتاليتين وهم لم يصعدوا لها منذ أربع سنوات، وخلال الفترة التي سبقت مباراة زامبيا ارتفع الشحن الإعلامي الذي يقوده إما منتفعون أو عديمو الخبرة والكفاءة ، ما نقل للاعبين وقبلهم الجهاز الفني أننا حتما في المونديال.
وأذكرهنا بعض ما تم قبل هذه المباراة من فوضى إعلامية صورت للمصريين أن وصولنا لجنوب إفريقيا ما هو إلى مسألة وقت لا أكثر، لدرجة أن بعض الصحف والبرامج الفضائية استضافت الجماهير والمحللين قبل المباراة وسألتهم عن عدد الأهداف التي يمكن أن نسكنها في شباك الضيوف ، ومن من النجوم سيسجل أولاً.
هذا الإعلام الذي فجّر أزمة "ميدو-زكي" وشغلنا بها حتى موعد مباراة الجزائر المهمة وما بعدها، وهو نفسه الذي صور لنا الخروج من الدور الأول لكأس القارات والخسارة من البرازيل والفوز على إيطاليا إنجازا يفوق إنجاز الوصول لكأس العالم نفسه، وهذا حق يراد به باطل.
كما أنه واصل تفجير القضايا التافهة واحدة تلو الأخرى لشغل الرأي العام بأمور ثانوية، ومن ثم شغل الجهاز الفني واللاعبين عما هو أهم، وخير دليل واقعة "العاهرات"، فلمصلحة من ينشغل الرأي العام بهذا الموضوع؟! ما أدى لفقدان اللاعبين لتركيزهم أمام رواندا؛ بدليل ما فعله أبو تريكة عقب هدفه الأول وخروجه عن شعوره وانفعاله بصورة غير مسبوقة.
اللاعبون والجهاز الفني والاتحاد
وهنا تم تقديم اللاعبين على الجهاز والاتحاد نظرا؛ لأن بيدهم أكثر من 50% من خيوط اللعبة، وللحق هذا الجيل أفضل من جيل 90 من حيث: الإمكانات الفنية والبدنية، لكنه يفتقد لأبرز مميزات أبناء الجوهري، وهو (روح الجماعة والانضباط داخل وخارج الملعب)، لقد سيطر الجوهري على لاعبيه جيدا وأبعدهم عن المهاترات و"النفسنة" على بعضهم، كما أنه كان لا مجال للتدليل الإعلامي أو السياسي للاعبين، ما دفعهم لاختيار مباريات بعينها لخوضه كما يفعل زيدان حاليا.
أما الجهاز الفني فأراه يضعف كثيرا أمام اللاعبين ورغباتهم، ويتعامل بـ"شخصنة" في اختياراته سواء للقائمة أو حتى التشكيل ، ولم يعتمد على الوجوه الشابة إلا في ظل غياب النجوم "الخافتة" سواء للمشاكل الشخصية أو التدليل، وفي هذا التدليل بالذات كان لسمير زاهر دورٌ بارزٌ.
قرارات الجهاز الفني -خاصة في المعسكرات والمباريات الودية- كانت سيئة للغاية، وهنا أعود لمباراة زامبيا التي أعتبرها بداية "النكسة"، فالجهاز أقام معسكرا مفتوحا في الأكاديمية البحرية حضره الإعلاميون، واختلط الحابل بالنابل ، وافتقد الجميع للتركيز، وهو ما ظهر جليا في المباراة.
كما أن تشكيل هذه المباراة مثال صارخ على المجاملة وخوف الجهاز من النجوم المزعومين، ، وكان لزاهر تحديدا دورا كبيرا في ذلك.
لكن لا يمكن إغفال أن الإصابات كان لها دورٌ مهمٌ في التأثير على نتائج المنتخب في المباريات الأربع السابقة، وأحسن الجهاز في تجهيز البدلاء على قدر المستطاع والمتاح أمامهم من لاعبين.
رابح سعدان
هذا المدرب القدير أحسن بشدة قيادة الفريق داخل الملعب وخارجه، سواء في اختيار أماكن وتوقيتات المعسكرات، وكذلك اللاعبين، ولعب على الوتر الوطني لديهم، بدليل أنه رفض ضم أي لاعب ذو أصول جزائرية لكنه لا يحمل الجنسية أو ينتمي للبلد انتماء أبنائه.
كما أنه تعامل بذكاء خارق في تصريحاته، إذ حول الرأي العام الجزائري المتعصب من ضده على طول الخط لأول مساند له من زملائه المتربصين به دوما، فهذا المدرب أعلن أنه سيستقيل عقب تأهل الفريق بمعجزة للدور الثاني على حساب السنغال، ثم استمر!.
وقبل أن نواجه فريقه على أرضه طالب الشرطة بحمايته مع أسرته من بطش الجماهير حال الخسارة أو حتى التعادل، وهذا ذكاء وحنكة كبيرة عكس تصريحات شحاتة التي جاءت انفعالية على الدوام، وغالبا ما يطلب الجماهير مساندته من هجوم المسؤولين، كما أنه تفرغ لفك الاشتباك بين لاعبين المدللين بدلا من السيطرة عليهم من البداية.
وفي النهاية، ألا ترى معي أن منتخب الجزائر الأفضل ويستحق الوصول لكأس العالم؟، هم الأفضل حقا فلا داعي للمكابرة.