والمؤسف أنه خلال الأزمة راح الجميع يتاجرون بما يسمى "حق المواطن"، فاعتبر اتحاد الإذاعة والتلفزيون أن من حقه إذاعة الدوري غصب عن الأندية باعتباره حقا للمواطن.
وقال مسئولو القنوات الخاصة إن حق المواطن الحقيقي هو أن يختار بين قنوات تتنافس على إرضائه من خلال رفع مستوى جودة الخدمة.
أما مسئولو الأندية فقد أكدوا أن "المواطن" المقصود هو المشجع الكروي الذي يرغب في أن يرى فريقه قادرا على ضم كبار النجوم بفضل أموال البث التلفزيوني.
وفي يوم السبت الذي شهد مباراة الجونة والإسماعيلي في مدينة الغردقة عادت جماهير مصر إلى عصر ما قبل الصورة التلفزيونية وأيام التسعينات حينما كان ميكروفون إذاعة الشباب والرياضة يتنقل بين الملاعب للمذيعين الجالسين فوق مقاعد من القش والميكروفون المعدني.
وباستعراض كافة القنوات في الثانية والنصف عصرا وهو موعد المباراة في المرحلة الثامنة من الدوري الممتاز سواء حكومية أو فضائية، لم يكلف أحد خاطره بالتنويه عن عدم إذاعة المباراة فلا يوجد استديو تحليلي ولا حتى شريط أخبار للاعتذار عن عدم إذاعة المباراة لدرجة دفعت البعض للشك في إقامتها أصلا.
والسؤال الآن هو : أين "حق المواطن" أيها السادة؟ .. وهل المواطن الذي انتظر إذاعة المباراة في أي قناة تلفزيونية هو ليس "مواطنا" بحسابات اتحاد الإذاعة والتلفزيون أو الأندية؟
ومهما كانت المبررات لا أجد سببا منطقيا لعدم إذاعة اللقاء .. فهل وجد مسئولو اتحاد الإذاعة والتلفزيون مدينة الغردقة أبعد مما يجب وبالتالي "طنشوا إذاعتها".
الإسماعيلي فريق جماهيري كبير ويقدم كرة جميلة ووصيف الدوري الممتاز الموسم الماضي والجونة يحتل المركز السادس في الدوري هذا الموسم.
والأهم أن يوم المباراة هو السبت وهو إجازة رسمية في قطاعات من الدولة والقطاع الخاص أي أن نسبة مشاهدة المباراة مضمونة والمنطقي أن يكون هناك إقبال إعلاني عليها أو على الأقل تسويق لها.
فهل ملعب الجونة في الغردقة غير مجهز لنقل المباريات؟ .. بل والأهم ما هي بنود عقد بيع الدوري للقنوات الخاصة؟ .. هل يتضمن إذاعة كل المباريات أم بعضها أم جزء منها؟
بل والسؤال الأكثر أهمية هل يتم بيع حقوق الإعلانات في مباريات الدوري الممتاز بالقطعة أم لكل لقاءات كعقد ممتد لكل لقاءات الموسم.
وموضوع الإعلانات ليس من شأن الأندية أو القنوات وحدها بل هو شأن جماهيري ورياضي بحت لأن عدم تسويق الدوري بصورة احترافية يعني أن هناك إهدار في الأموال التي تدرها البطولة إعلانيا وهذه الأموال هي التي تتسولها الأندية سواء من المجلس القومي للرياضة أو وزارة الإعلام وفي النهاية هي أموال "المواطن" نفسه.
والمؤسف أن لا أحد في هذا البلد سيهتم بعدم إذاعة هذا اللقاء طالما الأهلي أو الزمالك ليسا طرفا فيه، كما لن يخرج علينا البعض من استديوهات الإسفاف لإرسال نداءات إنسانية للمسئولين لإذاعة اللقاء بأي ثمن حتى لو أذاعوا الشوط الثاني فقط.
رجاء لا تتشدقوا بـ"حق المواطن" مرة أخرى فهو بريء منكم ومن أفعالكم.