تصف تلك الأبيات التي كتبها الإمام الشافعي رضي الله عنه حال المصريين في كل أزمة تجمعهم أو تفرقهم وأهمها الأحداث الرياضية التي باتت تشغل العقول أكثر من لقمة العيش.
تحفظت كثيرا على التعليق على أحداث السودان بعدما طفحت التصريحات والمقالات والتعليقات للمتاجرة بالأمر وتحقيق مزيدا من الشهرة باللعب على مشاعر الجماهير "المغتاظة".
ووسط موجة الغضب وتضليل الجماهير خرجت علينا بعض الأصوات الإعلامية للهجوم على الاتحاد الدولي "فيفا" بتهمة التواطؤ مع الجزائر والانحياز ضد مصر دون سبب مقنع.
بل ووصل الأمر لتحميل سمير زاهر رئيس الاتحاد المصري للاتحاد الدولي مسؤولية أحداث السودان بداعي عدم إلغاء المباراة بعد حضور الجماهير بصورة أكبر من المتوقع.
ويدين تصريح زاهر اتحاد الكرة قبل الاتحاد الدولي كونه من اختار السودان لاستضافة المباراة دون أي دراسة وهو ما أشرت إليه في مقالي السابق عقب المباراة مباشرة وقبل وقوع "المأساة".
في البداية يجب أن نعترف أن منتخبنا خسر المباراة داخل الملعب وليس خارجها، ومهما كانت الضغوط الجماهيرية فالـ90 دقيقة لم تشهد أي تجاوز يؤثر في نتيجة اللقاء.
لذا فلا يوجد لدينا حق في الاعتراض على نتيجة المباراة أو حتى المطالبة بإعادتها وهو ما حاول عدد من المسؤولين إيهام الجماهير به في الفترة الأخيرة خلف خدعة "الملف" المزعوم الذي لم يقدم بعد، وفقا لتصريحات زاهر نفسه.
ورغم الملاحظات العديدة عن الطريقة التي يدار بها الفيفا في الفترة الأخيرة خاصة بعد واقعة "يد هنري" وتعويض أيرلندا ماديا ومحاولة عقاب فرنسا بصورة غير مباشرة عبر إبعادها عن رؤوس المجموعات في القرعة.
إلا أن الاتحاد المصري ارتكب كافة الحماقات بدء من عدم معرفته للوائح الصعود سواء بالمواجهات المباشرة أو فارق الأهداف حتى المباراة الأخيرة، وصولا إلى إيهام المصريين بأن اللاعبين الجزائريين ضربوا أنفسهم في القاهرة.
والغريب في الأمر أن الاتحاد الذي يدعي الآن أن الفيفا تكيل بمكيالين في لوائحها الداخلية وتغيرها على حسب المصلحة، يفعل الأمر نفسه في تنظيمه للدوري المصري منذ سنوات.
ولعل خوض أحمد عيد عبد الملك مهاجم الحدود لقاء الزمالك رغم تعرضه للطرد لسوء السلوك في لقاء المقاولون يعد مثالا واضحا للتخبط، فقد تعرض للطرد المباشر الذي يستوجب إيقافه لمبارتين، ولكنه أوقف مباراة واحدة بقرار من لجنة المسابقات.
بل و لا يعلم الكثيرون أن الأمر نفسه جرى مع هاني سعيد مدافع الزمالك خلال الموسم الجاري بعدما تلقى بطاقة حمراء مباشرة في لقاء الزمالك والإسماعيلي مما يستوجب إيقافه لمباراتين وفقا للائحة لجنة المسابقات.
ولكن المدافع الدولي أوقف مباراة واحدة وخاض لقاء الزمالك أمام الإنتاج الحربي استنادا على تحوير اللوائح "المطاطية" وصمت الجميع بحجة مساندة المنتخب.
تماما كما عوقب عمرو زكي منذ موسمين بداعي التلفظ بعبارات مشينة عرفت عن طريق لغة الشفايف، وتم إغفال نفس الواقعة مع حسام عاشور لاعب الأهلي في العام الماضي.
فهل هناك لوائح للاعبين الدوليين وأخرى للمحليين فقط؟ وأخرى جاهزة أو تفصيل؟ وعلى ماذا يستند اتحاد الكرة ولجنة المسابقات في توقيع العقوبات؟.
ومن يملك إجابات للأسئلة السابقة، هل يعلم لماذا أوقف سمير كمونة موسمين بسبب إشارة بإصبعه؟، قبل أن يوقف محمد أبوالعلا أربعة أشهر لنفس الإشارة التي أوقفت جونيور أجوجو أيضا أربعة مباريات فقط؟.
عفوا يا سادة فالتخبط الإداري عادة مصرية منذ سنوات، فأنتم من ابتدعتم التلاعب في اللوائح والكيل بمليون مكيال، فإذا بليتم فاستتروا، ولا تلقوا الاتهامات قبل أن تصلحوا من أنفسكم.
كفاكم فسادا وتضليلا، ألا يكفيكم ما جرى في السودان، وإدانتنا أمام العالم ونحن المجني علينا، وتتفاخرون بالريادة الإعلامية وأنتم تصيحون في وجه بعضكم فقط، وكل منكم لا يعلم أبسط قواعد العدل أو الصراحة.