ريهام عصام

"شحاتة" الثقة .. أم استحقاقها؟

رغم التأهل المصري لنصف نهائي كأس الأمم الإفريقية بعد تخطي المنتخب الكاميروني في ربع النهائي، فان الألسنة المنتقدة لحسن شحاته المدير الفني للمنتخب المصري وجهازه الفني ولاعبيه لم تصمت، وهو ما دفعني للتساؤل، ماذا نريد أكثر مما قدمه "المعلم" حتى الآن؟<br>
الأربعاء، 27 يناير 2010 - 17:23
رغم التأهل المصري لنصف نهائي كأس الأمم الإفريقية بعد تخطي المنتخب الكاميروني في ربع النهائي، فان الألسنة المنتقدة لحسن شحاته المدير الفني للمنتخب المصري وجهازه الفني ولاعبيه لم تصمت، وهو ما دفعني للتساؤل، ماذا نريد أكثر مما قدمه "المعلم" حتى الآن؟

بالطبع ستكون الإجابة "التأهل لكأس العالم" لكن إن نحينا هذا الحلم - الذي اقترب شحاته ورجاله بالفعل من تحقيقه – جانباً، وفكرنا، حتى قبل التأهل وفي قمة تألق المنتخب المصري لم يسلم شحاته ورجاله من الانتقادات التي بلغت حدوداً خيالية.

رفض الإعلام وحتى الجزء الاكبر من الجماهير الإعتراف بأن النجاحات التي يحققها المنتخب المصري، وأرجعها إلى أسباب واهية، ما بين الحظ وضعف المنافسين وحتى مساعدة الجن والدجالين!

تفننا في تقليلنا من حجم إنجازات المعلم ونجاحاته، أرجعنا الفوز المصري ببطولة الأمم الإفريقية في مصر عام 2006 إلى عامل الأرض والحظ، فخرج إلى غانا واحتفظ باللقب للمرة الثانية على التوالي في إنجاز تاريخي.

ورغم أنه عاد بالكأس إلى مصر، حرمناه من إنجازه لنؤكد من جديد أن الحظ ساند المنتخب المصري في غانا أيضاً، متجاهلين اكتساحه لفريقين بحجم الكاميرون وكوت ديفوار في البطولة بنتائج عريضة، وأن نسبة نجاحه لم تقل عن 100% بعد ثلاث سنوات من العمل.

واستمر "الملعم" في تجاهله هذه الانتقادات، ليشارك في كأس القارات مدخلاً الفرحة والفخر في قلوب ملايين المصريين بعرض خرافي أمام البرازيل لن ينساه راقصوا السامبا قريباً، تبعه بفوز اقوى على المنتخب الإيطالي حامل لقب "بطل" العالم في المونديال الأخير.

ولم أفهم لماذا لم تساعدنا السعادة التي أشاعها المعلم ورجالة في قلوب المصريين منذ توليه مسؤولية المنتخب المصري في 2004، سواء بحصد لقب أمم إفريقيا 2006 أو 2008 أو العروض المصرية المشرفة الأخرى في كأس القارات أو غيرها على التحلي ولو حتى بقليل من الثقة في حسن شحاته ورجاله؟

فأنا لا أتذكر المرة الأخيرة التي انتفض فيها الشعب المصري بهذه الصورة مدافعاً عن مصريته، وأعلنوا على الملأ افتخارهم بمصريتهم ووطنيتهم، تذكرنا نجيب محفوظ ومجدي يعقوب وفاروق الباز وعمر الشريف وعبد الناصر والسادات ونحن نطلق حملة "أنا مصري إنت مين؟"، وأصبحت الأغاني الوطنية "موضة" بين المطربين الكبار منهم والصغار وحتى راكبي الموجة ومحبي الشهرة.

ولا يمكن أن ننكر أن هذه الموجة راجعة لـ"وطنية" شحاته ورجاله وأداءهم الرجولي الذي كفل لهم الفوز بكأسين متتاليين لأمم إفريقيا، وتقديم عروضاً مشرفة في كأس القارات الذي وضع اللاعبين المصريين أمام عيون العالم، ثم وضعنا لأقرب ما يكون من تحقيق "حلم" التأهل لكأس العالم.

ورغم ثورة الجماهير المصرية بعد الهزيمة من الجزائر في أم ردمان، وألقاءها باللوم على جماهير الجزائر المسلحة أو اختيارات شحاته الفاشلة، أو حتى الإدارة الرديئة للاتحاد المصري لكرة القدم، فاننا تناسينا أن المنتخب المصري خرج من تصفيات كأس العالم بصورة "مشرفة".

تناسينا وسط ثورتنا وغضبنا المختلط بالأسى لهروب حلم "المونديال" من أمامنا أن الهزيمة "العادلة" على أيدي المنتخب الجزائري كانت قبل الأحداث المؤسفة من مشجعي الجزائر في أم درمان، كما أنها لم تكن سوى بهدف وحيد، أي أنها لم تكن بأي حال من الأحوال "هزيمة مخجلة"، بل مجرد أنها هزيمة في إحدى "منافسات" "لعبة" كرة القدم.

نسينا أن كرة القدم رياضة، وكل رياضة تندرج تحت بند "المنافسات" وأي منافسة تحتمل الفوز او الهزيمة، وفضلنا الهجوم على شحاته، على قراره باستبعاد أو ضم أي لاعب لتشكيلة المنتخب المصري، رغم أن مثل هذه القرارات راجعة في المقام الأول لتقديره الخاص، فهو الوحيد الذي يجلس في مقعد المدير الفني وهو الوحيد الذي يملك الحق لاتخاذ هذه القرار.

هاجمناه بعد اختياره للتشكيل المشارك في بطولة كأس الأمم، بعد تخليه عن أسماء كبيرة في مقابل وجوه شابة قبل حتى أن نترك لها الفرصة لإثبات جدارتها، تناسينا جملة بسيطة لخص بها كريم هنداوي نجم منتخب الشباب لكرة اليد التي قد تكون فسرت أي قرارات "مثيرة للجدل" في اختيار تشكيلة أي منتخب.

فلم ينكر هنداوي أن تشكيلة المنتخب للعبات الجماعية قد لا تضم أفضل اللاعبين وأمهرهم، وإنما تضم أفضل "توليفة لاعبين" على حد وصفه.

فالمنتخبات الوطنية وعلى رأسها المنتخب القومي لكرة القدم ليست في حاجة إلى لاعبين يثيروا فيها الأزمات، أو يخرجو اللاعبين عن تركيزهم مهما بلغت مهاراتهم، فهي في حاجة للاستقرار في المقام الأول والراحة التي تساعد اللاعبين على اخراج افضل ما فيهم وهو ما نجح فيه شحاته بما لا يدع مجالاً للشك.

لن أدخل في فنيات اللعبة أو في اختيارات شحاته التي قد تثير التحفظ والجدل من حين لآخر، ولكني فقط أتساءل، من منا واثق أن المعلم – إن منح فرصة حقيقية للتبرير- لا يملك ما يمكن به أن يخرس ألسنة المنتقدين؟

فبعدما انتقدنا التشكيلة التي دخل بها المعلم مباراة الولايات المتحدة الأمريكية في كأس القارات والتي واجه فيها الفريق هزيمة محبطة ومفاجأة على أيدي فريق -أثبت بتأهله إلى نهائي البطولة وفوزه على المتنخب الإسباني في نصف النهائي وتقدمه على المنتخب البرازيلي في النهائي الذي خطفه راقصوا السامبا بصعوبة بأنه فريق قوي، خرج المدير الفني للمنتخب مبرراً ومفسراً وجهة نظره واختياراته وهو ما لم يتمكن أحد من مجادلته بعدها.

الخلاصة، أنه أيما كانت نتيجة نتيجة اللقاء المرتقبة بين الفريقين المصري والجزائري المقبلة في نصف نهائي كأس الأمم الإفريقية المقبلة، التي ستغرقنا من جديد في موجة من ردود الأفعال، فمما لاشك فيه أن وصول الفريق لنصف النهائي يعد بكل المقاييس إنجازاً لم تشهده كرة القدم المصرية أو الإفريقية من قبل، فان المعلم أصبح يستحق منا - ولو قليلاً -من الثقة والمساندة الجدية للمعلم ورجاله.