كتب : أحمد سعيد | الثلاثاء، 30 مارس 2010 - 01:05

فريق الأكروبات أم فقرة الساحر؟

يفتح مهرجان البهجة الأوروبي أبوابه هذا الأسبوع بسيرك كبير ملئ بالفقرات الكروية الآخاذة، ولكن إذ طلب منك الاختيار ما بين التصويت لصالح فريق أكروبات لندن بقيادة البروفيسير الفرنسي آرسين فينجر أو لفقرة ساحر مقاطعة كتالونيا ليونيل ميسي .. فماذا سيكون قرارك؟

ففي أحد أركان ساحة السيرك ستجد مروض وحوش اسكتلندي شرس اسمه أليكس فيرجسون، يقدم فقرته الخاصة التي يحاول فيها السيطرة على نمر ألماني اسمه توماس مولر، وثعلب فرنسي يدعى ريبيري، وفهد هولندي جريح من فصيلة روبن، وذلك باستخدام كرباج واحد وحارق من ماركة روني.

في الركن الثاني من الساحة، ستجد ملاكمين فرنسيين من الوزن المتوسط، أحدهما يمثل مدينة بوردو والآخر من ليون، ليسا من أبطال العالم في اللعبة، ولكن اقتراب المستوى بينهما يبشر بجولات شاقة من التنافس الشرس والذي قد يخرج منه أيهما فائز أو مهزوم.

أما الركن الثالث، فيحاول فيه لاعب متعدد المواهب مثل جوزيه مورينيو التزحلق على الجليد الروسي في الطريق نحو لقب أوروبي هو كل ما تم تعيينه لأجله مع فريق إنتر ميلان، وأمام فريق قد يرى بعضهم مواجهته أسهل المهام أو أكثرها غموضا.

ولكن الركن الرابع هو الأهم، لأنه يحمل كل المتعة، والانبهار، ويحبس أنفاس المتابعين وهم ينتظرون النتيجة: هل ستتفوق جماعية الأكروبات أم حيل الساحر اللاتيني؟

فرق الأكروبات على مدار التاريخ قد لا تعرف وجوه أعضائها أو تفشل في التمييز بينهم ولكنهم يخطفون بصرك بمرونتهم الشديدة وانسجامهم الكبير في تشكيل لوحات فنية رائعة، ينسب كل منهم فيها نجاحه للآخر ويفشلون جمعيا لفشل أيا منهم.

وفريق الأكروبات اللندني المعروف باسم أرسنال يقف صفا أمامك على خشبة المسرح، ربما لا تلاحظ غياب أحدهم أو عودة الآخر، فنصري لا يختلف كثيرا عن أرشافين، وديابي قد يقوم بأدوار فابريجاس، وإدواردو يمتلك أدوات فان بيرسي.

وفجأة، فإن هؤلاء الواقفين صفا، تجدهم يقفزون في كل اتجاه، ويحملون بعضهم بعضا، فتجد من في الأمام أصبح في الخلف والأسفل بات على قمة الهرم ثم .... هدف! قد يحرز هذا الهدف مدافعا أو مهاجما أو لاعب وسط، لا يهم، فالجميع يصفق الآن وينتظر "الطلعة" القادمة.

اللياقة البدنية والسرعة والمرونة هي أسلحتهم، نكران الذات واللعب لصالح الفريق هو شعارهم، الابتسامة دائما على وجوههم ومهمتهم هي إبقائها على وجوه المتفرجين وإلا يعتبرون أنفسهم فشلوا في تحقيق المطلوب، وهم غالبا لا يفشلون.

والسمة الأساسية التي تميز ألعاب الأكروبات أنهم يجبرون المشاهدين على التركيز معهم طوال الوقت، ويتحدوهم أن يحيدوا بأعينهم ولو ولوهلة عن العرض الممتع، وهو ما يخالف تماما ما يعتمد عليه السحرة في تقديم فقراتهم.

فالساحر يحتاج مسافة بينه وبين الجمهور كي يستطيع القيام بحيلته، والتي في الأساس ليست سحرا وإنما خفة يد – أو خفة قدم في حالة ليونيل المخيف – وبالتالي فهي تحتاج نوعا من تشتيت الانتباه كي تأتي بثمارها.

وتحقيقا لهذا الهدف، فإن الساحر عادة يستخدم بضعة فتيات جميلات لتساعدنه على المسرح، ولتتعلق بهم أنظار المشاهدين ريثما يجهز حيلته ويطلقها في وجوههم، والفارق أن ميسي يستعين بمساعدين رائعي الجمال كرويا أمثال إبراهيموفيتش وهنري وبيدرو وإنيستا.

ويعلم الجميع أن الساحر هو بطل الفقرة، ولكن رغما عنهم لا يستطيعون تجاهل فاتنات المسرح، ولا يستطيع المنافسون أيضا تجاهل مساعدي ميسي على الرغم من ثقتهم الكاملة في أنه في النهاية سيقتنص الكرة ويمر من كل متحديه ويضع "الهاتريك المتين!"

ومثلما يظل العالم بأسره إلى الآن يتساءل كيف استطاع الساحر الأشهر ديفيد كوبرفيلد قبل سنوات إخفاء تمثال الحرية عن الأعين بإحدى خدعه الأسطورية، سيظلون يتساءلون أيضا عن سر هدف خيتافي قبل ثلاث سنوات والذي أعاد مارادونا إلى الأذهان، ثم هدف ريال ساراجوسا قبل أسبوع وكل الخدع التي بينهما.

الجميع يستمتع بالساحر وبالأكروبات. ولكن هناك من يفضلون الإبداع الفردي للأول، وآخرون – و أنا منهم – من هواة الابتكارات الجماعية للفريق الثاني، ولكن في النهاية جميع المشاهدين فائزين من فقرات مهرجان البهجة الأوروبي.

مقالات أخرى للكاتب
التعليقات