فحينما توج الأهلي بالدوري، كان البدري متهما بفشله في التعامل مع المباريات الكبرى، ووضع الجمهور مدربهم في اختبارين للوصول إلى ثقتهم المفقودة.
ونجح البدري في الخروج بالعلامة الكاملة في الاختبارين بعدما عبر حاجز الاتحاد الليبي في إياب دور الـ16 من أبطال إفريقيا ثم الزمالك، مثبتا أحقيته بمنصب المدير الفني للأهلي.
والآن لن ينظر الجمهور ولا مجلس الإدارة للبدري على أنه مدير فني جاء بالصدفة لأن النادي الفشل في التعاقد مع نيلو فينجادا.
بل يستطيع البدري حاليا أن يتحرك مدعوما بثقة الجماهير، ويملي شروطه على الإدارة في الصفقات المطلوبة والأسماء التي يتوجب رحيلها، وكل هذا بفضل الفوز بلقاء القمة.
فكيف نجح البدري في هذا؟
بداية كادت المباراة أن تهرب من بين أيدي الأهلي في لحظاتها الأولى حين حاول الفريق الأحمر فرض مخطط هجومي ضد الزمالك.
الأهلي أخطأ حين دخل المباراة بحثا عن الهجوم فقط دون تأمين دفاعي، ما ظهر في وجود أحمد حسن بجوار محمد أبو تريكة ومحمد بركات وراء محمد فضل.
فهذا الكم من الأسماء ذات الطابع الهجومي والاكتفاء بارتكازين فقط في الوسط هما شهاب الدين أحمد وحسام عاشور لم يمنح الأهلي التأمين المطلوب في العمق أمام الزمالك.
وتسبب ذلك في تقدم الزمالك بهدف استغل خلاله حسين ياسر جناح الفريق الأبيض ضعف أحمد السيد قلب دفاع الأهلي في تغطية الخط الخلفي.
لكن سرعان ما تدارك البدري غلطته وأعاد حسن للوراء، في شكل أشبه بالمثلث، رأسه عاشور كارتكاز، وقاعدته الصقر وشهاب، يتقدمهم أبو تريكة ومحمد بركات.
كما ساهم شريف عبد الفضيل في إنجاح هذه الخطة بإجادته شغل مركز الظهير الأيمن، خاصة وأنه لا يتقدم كثيرا للأمام، بعكس سيد معوض اللاعب الأعسر الطائر في صفوف الأهلي.
فثبات عبد الفضيل دفاعيا معظم الوقت جعل أحمد حسن لا يحتاج للميل ناحية اليمين لتغطية ظهير الأهلي، بل حصل الصقر على فرصة دعم عمق الملعب بطاقته الكبيرة.
وفي وجود حسن بعمق الأهلي جوار شهاب، أصبح عاشور قادرا على التفرغ لمراقبة محمود عبد الرازق "شيكابالا"، وبذلك تخلص الأهلي من صداع زملكاوي كبير.
فقد أصبح حسين ياسر جناح الزمالك الأيسر حبيسا في أحضان عبد الفضيل، وشيكابالا مع عاشور، فنتج عن ذلك فشل الفريق الأبيض في صنع هجمة منظمة واحدة على الأهلي.
وبفضل وجود ثلاثي ارتكاز أحمر، باتت كل كرات الزمالك طولية أو مقطوعة، وزمن هجمة الفريق الأبيض لا يزيد على ثوان، ما منح الأهلي السيطرة المطلقة على المباراة.
هذه السيطرة ترجمها البدري إلى فرص خطرة من خلال تثبيت محمد بركات في الجناح الأيسر للأهلي وراء أحمد غانم سلطان ظهير الزمالك الأيمن وأضعف نقطة في دفاع الفريق الأبيض.
فسرعة بركات وتفوقه الكاسح على غانم سلطان في فنون كرة القدم أهدت الأهلي فرصا لا حصر لها للتسجيل.
وما زاد تفوق الأهلي، محاولة حسام حسن المدير الفني للزمالك سد تلك الجبهة بإعادة مارسيل أديكو لوسط الملعب ناحية اليمين لإيقاف تقدم الزئبقي.
فتراجع أديكو جعل سيد معوض يهاجم وهو يعلم أن الزمالك لا يلعب في ظهره بجناح مزعج، فتقدم الظهير الدولي الأعسر وراء محمد بركات.
وصنع الثنائي سويا جبهة قوية هجومية كانت كفيلة بتدمير دفاع الزمالك تماما، ولولا عبد الواحد السيد لانتهت المباراة بنتيجة أثقل.
ومع إخفاق حسام حسن في إيجاد الحل، سار البدري بالمباراة حتى بر الأمان بتغييرات واعية والأهم تحكم تام في الإيقاع.
أخيرا أود الإشارة إلى أني قمت بتحليل ما قبل مباراة القمة من وجهة نظر الزمالك، لأن الأهلي كان الطرف المرشح للفوز بفضل نجومه أصحاب الباع الكبير في مثل تلك التحديات.
فالزمالك كان الطرف الأضعف الذي يحتاج لمعاونة خطط اللعب حتى تصبح كفته متوازنة مع الأهلي في حظوظ الفوز، لذلك حاولت رؤية المباراة بأعين مدربه، كيف يمكن تحقيق الصعب؟
أما وقد فشل الزمالك في تمييز موسمه بانتصار على الأهلي، فإن إدارة النادي الأبيض مطالبة بتدعيم الفريق بلاعبين على شاكلة حسن وبركات وجمعة.
ذلك إن كانت إدارة الزمالك جادة في تشكيل فريق يستطيع المنافسة على الألقاب.
وبالعودة لفوز الأهلي ..
وضع البدري نفسه على طريق جديد، فبعدما أثبت قدراته كمدرب للأهلي ونال احترام الجميع، عليه الآن المضي قدما ليصبح أحد المفضلين لدى جماهير النادي مثل مانويل جوزيه.