وقبل أن يتهمني أحد بالانحياز لأي طرف في هذه الأزمة السخيفة والمتكررة أطلب من القارئ أن ينسى أن جدو لاعب كرة قدم، بل دعونا نتصور أن جدو زميل لنا في الشركة أو المصنع أو الهيئة أو المدرسة أو الوزارة أو أي مكان نعمل به.
هل تقبل كمدير أو كزميل أو كمرؤوس حتى أن يقوم مهني محترف مثل جدو بالتعامل مع الجهات صاحبة العمل بهذا الأسلوب؟
جدو ارتكب ثلاثة أخطاء فادحة تكشف عن استهانة لا حدود لها في التعامل مع الجهة صاحبة العمل، الأول أنه سمح لنفسه بالتفاوض مع مسئولي الزمالك قبل نهاية تعاقده مع الاتحاد السكندري، وبذلك لم يحترم جهة عمله الأصلية.
وارتكب الخطأ الثاني بمحاولة التنصل من اتفاقه مع الزمالك وتجاهل الأمر تماما موقعا على عقد مع الاتحاد السكندري وبذلك لم يحترم الفريق الذي فاوضه لينقله من نادي إقليمي عريق إلى أحد أكبر ناديين في مصر.
وارتكب الخطأ الثالث بتجاهل الخطأين الأول والثاني والتوقيع للأهلي وهو تصرف غير مسئول مثل شخص يعرف أنه مصاب وأن إصابته تحرمه من القيام بواجبات وظيفته ورغم ذلك يقرر التعاقد متجاهلا الواقع في استهانة باسم الأهلي حتى لو تعرض لإغراء بواسطة مسئولي الأخير.
بالطبع جدو لم يرتكب هذه الأخطاء بمفرده بل كان هناك شيطان دائما ما يغريه ويصور له سهولة ارتكاب كل خطأ ويصور له أن طمعه أمر مشروع للغاية .. وهذه الشياطين ارتدت الألوان الثلاثة : الأحمر مرة والأبيض مرة أخرى والأخضر أيضا.
وإذا كان البعض يتصور أن إيقاف جدو عقوبة للأهلي أقول لهم أن إدارة الأهلي تعاقدت معه وهي تعرف أن هناك نسبة للمخاطرة تماما مثل شركات النقل عندما تشتري سيارات مستعملة وهي تعرف جيدا أنها صفقة "نص عمر"، والإدارة الواعية هي من تدبر دائما حلا بديلا في حال فشل الحل الأول أو الثاني.
والأهم أن إيقاف جدو يحمي جميع الأندية وعلى رأسها الأهلي من تلاعب اللاعبين بالعقود وبالالتزامات ومن "الدلع" عندما يرتفع سعر لاعب خلال عقده مع ناديه وهو أمر يحدث دوما للأهلي.
وفي النهاية أقول أن انتقالات اللاعبين في مصر تحتاج لنظام صارم لأن ثقافة اللاعبين في مصر أشبه بثقافة "عمال التراحيل والفواعلية" يعملون لمن يدفع أكثر "يوم آه وعشرة لأ"، ولن أقول "مبيض محارة" لأن هذا اللقب محجوز لبعض محترفينا في الخارج كما تعرفون.
هل سيتعلم اتحاد الكرة من الدرس بعد المشكلة رقم عشرين أو سبعين في انتقالات اللاعبين؟، هل سيخرج علينا من يؤكد أن أزمة جدو لن تتكرر لأن الاتحاد لن يعترف إلا بعقود موثقة لدى لجانه المختصة؟ هل سيفيق اتحاد الكرة من نزاعاته القضائية وصراعاته الداخلية من أجل مصلحة اللعبة "مرة واحدة في حياته"؟
أشك كل الشك .. وكما قال المخرج والكاتب محمد أمين في رائعته "فيلم ثقافي" : "أصل العيب في النظام".
تابعوني على تويتر
http://twitter.com/nasry
أو على فيس بوك
http://bit.ly/cW1B4r