كتب : أحمد سعيد | الخميس، 02 سبتمبر 2010 - 17:12
هل سيقرأ المدربون المصريون تقرير بريجر؟
أعرف أن محاولة معرفة الجديد، وتطوير المستوى الفني والخططي الشخصي تأتي في أخر قائمة اهتمامات 90% على الأقل من المدربين المصريين، حتى وإن كان التقرير الفني هذا يقدم عصارة عمل بعض من أفضل مدربي العالم ليس من خلال الكلمات فقط، ولكن عبر (دي. في. دي.) يشرح ويفسر ويعلم أيضا.
المحللون المرموقون أصحاب الملابس الأنيقة والكلمات الرنانة على الفضائيات عليهم مطالعة التقرير أيضا، ففيه توضيح لجوانب خططية لايزالون يعتبرونها أخطاء فنية، وتصحيح مفاهيم كثيرة مغلوطة، بل وتزويدهم بحالات قد يضربون بها المثل حتى وإن كانوا يحللون لقاء متوسط المستوى في الدوري المصري.
وحتى يحصل هذا الفريق أو ذاك على نسخة التقرير، سأعرض عليكم تسع نقاط سريعة من التقارير أفصح عنها جون-بول بريجر رئيس اللجنة الفنية في حوار مع موقع الفيفا، مع تعليق عن كل منهم.
1- بريجر: فرق أمريكا اللاتينية وإسبانيا وهولندا أيضا تبدأ الدفاع من مناطق متقدمة في الملعب، فحينما يخسرون الكرة عند منطقة جزاء المنافس، لا يتراجعون للخلف وإنما يبدأون في الدفاع من هذه المنطقة. ويمكن القول بأن هذا "الدفاع الهجومي" سيكون طريقة جميع الفرق الكبيرة قريبا.
الدفاع بدءا من على دائرة المنتصف أصبح "موضة" قديمة. فترك المنافسين ينقلون بحرية في نصف ملعبهم وعودة المهاجمين للضغط من خط المنتصف أصبح غير مفيد في حال ما كنت ترغب في خلق فرصة للتسجيل من هذا الضغط، لأنك لن تسجل سوى إذا استخلصت الكرة على حدود صندوق المنافسين. طريقة "الدفاع الهجومي" يحاول تطبيقها كل من مختار مختار مع المصري وقبله بتروجيت، وحسام حسن مع الزمالك.
2- بريجر: الفرق تتحرك كوحدة واحدة أو "بلوك" بين منطقتي الجزاء. اللاعبون كلهم فاعلون في عملية الضغط والتحرك الدفاعي هذه، فلا يوجد من يبتعد كي ينتظر الكرة في مساحة خالية أو يتوغل في العودة للخلف للتغطية.
الضغط الفردي الموجود في الدوري المصري لم يعد له مكان في العالم. فالمهاجم يضغط على قلب الدفاع حتى يمرر الكرة ثم يتوقف بعد ذلك، والجناح الأيسر يضغط على الظهير الأيمن ثم يتوقف هو الآخر وهكذا، وبالتالي فإن الضغط لا يؤتي ثماره إلا نادرا ومن خطأ فردي. طريقة "البلوك" في التحرك والضغط لا تعتمد عليها أي من فرق الدوري المصري.
3- بريجر: معظم الفرق لعبت بأسلوب 4-2-3-1 أو 4-4-2 مع اللجوء أحيانا لطريقة 4-3-3 ولكن الملاحظ أن كل هذه الطرق تتميز بقدر كبير من المرونة والقدرة على التحول أثناء المباراة، واللاعبون أنفسهم أصبحوا أكثر مرونة لأداء واجبات مختلفة.
تحولت معظم فرق الدوري المصري إلى أسلوب 4-4-2 الصريح، فيما يعد الأهلي أبرز الفرق التي تلعب 4-2-3-1 ومن قبله الزمالك في الموسم الماضي، قبل أن يقرر حسام حسن التحول إلى اللعب برأسي حربة هذا الموسم.
ولكن ما ينقص الفرق المصرية هو عنصر المرونة في التحول أثناء المباراة نفسها، وهي نقيصة قد ترجع إلى غياب اللاعب الذي يستطيع الأداء في أكثر من مركز مثل أحمد فتحي الذي يمكنه اللعب في جميع مراكز الدفاع أو كارتكاز، أو مثل شيكابالا الذي يمكن توظيفه كلاعب وسط مهاجم، أو جناح، أو مهاجم متأخر.
4- بريجر: شابي ألونسو، إنيستا، وشابي هرنانديز، يغطون مساحات شاسعة ركضا في وسط الملعب ويلعبون كرة قدم جميلة في الوقت نفسه. تبدو حركتهم في الملعب سهلة وجذابة، ولكنها تحتاج إلى مجهود ضخم جدا لتطبيقها بنجاح.
التقسيم الواضح والصريح بين لاعبي الوسط المدافعين ولاعبي الوسط المهاجمين في طريقه إلى زوال. فالجميع يعلم أن شابي ألونسو مجهوداته دفاعية في المقام الأول، ولكنه يسهم أيضا في صناعة اللعب. أما إنيستا فإنه لاعب مهاجم من الطراز الأول، إلا إنه يدافع ببراعة أيضا.
نفتقر في مصر إلى وجود عدد كاف من اللاعبين من هذه النوعية، فابستثناء حسني عبد ربه وأحمد حسن، لا أستطيع التفكير في لاعبين يستطيعون القيام بالدورين الدفاعي والهجومي معا في نصف الملعب. فهم إما حسام عاشور وإبراهيم صلاح، أو محمد أبو تريكة وشيكابالا.
5- بريجر: لعبت البرازيل مباراة رائعة أمام هولندا خاصة في الشوط الأول، ولكنها خسرت من هدفين بركلات ثابتة، وهو ما يؤكد أن أي قصور أو نقطة ضعف مهما كانت صغرها يمكن أن تقصيك من البطولات.
نستمع جميعا إلى مدربين ومحللين يؤكدون أن فريقا ما لعب مباراة كبيرة وأدى كل ما عليه، ولكنه خسر المباراة أو خرج من المنافسة بهدف من "كرة ثابتة". وكأن الكرات الثابتة هذه ليست من مسؤوليات المدربين أو أنها تخص اللاعبين وحدهم .... إلى هؤلاء، أهديهم عبارة بريجر السابقة.
6- بريجر: باراجواي لعبت مباراة قوية أمام إسبانيا، وكان دفاعهم من الصعب اختراقه، ولكنهم خسروا بسبب الأداء الراقي من إيكر كاسياس ومهارة ديفيد بيا في تسجيل هدف الفوز، وبالتالي فإن هذه المباراة تم حسمها بالفروق الفردية.
7- بريجر: خرجت إيطاليا من الدور الأول لأنها لم تستطع إيطاليا أبدا تعويض غياب لاعبين عظيمين هما جيانلويجي بوفون وأندريا بيرلو.
"الفريق الكبير لا يقف على لاعب واحد" .. نظرية براقة، وتعلي قيمة العمل الجماعي على الفردي، ولكنها – للأسف الشديد – ليست حقيقية. فإيطاليا فريق كبير وعريق لم يستطع تعويض اثنين فقط، وإسبانيا كفريق لم تكن أفضل كثيرا من باراجواي ولكن مهارات استثنائية للاعبين رائعين أنهت المباراة لصالح الماتادور.
طوال خمس سنوات ماضية، الأهلي لم يكن أبدا في أفضل حالاته في حال غياب أبو تريكة وبركات، أو هبوط مستواهما، حتى وإن كان يحقق الانتصارات. اللاعبون الذين لا يؤثرون على أداء فرقهم حينما يغيبون هما نجوم بالإسم أو الإعلام فقط، وليسوا بالأداء.
8- خواكيم لويف كان مغامرا إلى حد بعيد حينما دفع بعدد كبير من اللاعبين أصحاب الخبرات القليلة في بطولة بحجم كأس العالم. فنادرا ما سمع أحدهم بتوماس مولر (هداف البطولة وأفضل لاعب صاعد) قبل عام من انطلاق المونديال. ولكن ألمانيا قدمت مجموعة من المميزات الكروية أبرزها الدفاع بلا أخطاء تقريبا، الهجمات المرتدة السريعة والقاتلة، الأساليب المبتكرة في الهجوم.
الخبرات مطلوبة بالطبع، ولكنها لن تُكتسب أبدا إلا باللعب، وخاصة اللعب في البطولات الكبيرة والمواجهات الصعبة. سيسك فابريجاس لم يكن ليصل إلى هذا المستوى وهو في عامه الـ22 إلا بسبب الدفع به في الدوري الإنجليزي وهو في الـ16 من عمره فقط. ميسي حقق كل هذه العجائب والألقاب الفردية والجماعية وهو في الـ23 من عمره.
في مصر، لايزال كبار المعلقين والمحليين والنقاد يطلقون لقب "المهاجم الواعد" على لاعبين يبلغون 27 و28 عاما ويستنكرون الدفع بلاعب عمره 23 عاما أساسيا في مباراة صعبة بسبب "قلة الخبرة"!
9- غانا لعبت بتنظيم محكم للغاية، وكان لاعبوها معدين لتنفيذ الهجمات المرتدة بسرعة فائقة. كان كل لاعب يعرف تماما ما دوره في الهجمة المرتدة. وأسامواه جيان مهاجم رائع ولكن لسوء حظه فشل في تسجيل ركلة الجزاء أمام أوروجواي.
كنت أظن أن الجملة السابقة هي من بديهيات كرة القدم، وأن معرفة كل لاعب بدوره في الهجمة المرتدة أمر لا يستوجب الطرح والنقاش، إلى أن استمعت إلى النجم الكبير وهداف الدوري الممتاز عبر تاريخه حسن الشاذلي أثناء تحليله لأحد المباريات وهو يقول: "هو كمان المدرب هيعلم اللاعيبة تعمل إيه في الهجمة المرتدة"! ... لا أظن أن بريجر شاهد هذه الحلقة.
مقالات أخرى للكاتب
-
للمبتدئين والتقليديين .. كيف تختار مدربا في 5 خطوات؟ الخميس، 20 نوفمبر 2014 - 12:26
-
لماذا "7" بدلا من "3"؟ الأربعاء، 09 يوليه 2014 - 01:14
-
عضة سواريز.. والحضارة الانسانية الجمعة، 27 يونيو 2014 - 21:46
-
قصتان ينبغي على محمد يوسف أن يقرأهما الإثنين، 17 مارس 2014 - 22:15