ما علينا، فقد انتهت المباراة بهزيمة ستكتب في التاريخ، وعلى الجهاز الفني والمسؤولين في اتحاد الكرة التفرغ لما هو قادم، ونسيان "المصالح" بعض الوقت، لأن عدم تأهل الفراعنة لنهائيات كأس الأمم الأفريقية سيكون فضيحة جديدة، لأنها ستكون المرة الأولى التي يفشل فيها، وسيدفع أعضاء مجلس إدارة الاتحاد الثمن، بعدما تفرغوا جميعا "للبيزنس" دون النظر لمصلحة الكرة المصرية التي يأكلون جميعا من ورائها "عيشهم".
ما لفت النظر عقب الهزيمة من النيجر عدة أمور تحتاج للتعليق، أولها تصريح حسن شحاتة، بأنه لا يعرف مستقبله مع الفريق، وهو تصريح غريب وفي غير محله، فالجهاز الفني مرتبط بعقد ممتد مع الاتحاد، ولم يصدر قرار من مجلس الإدارة بشأنه، بما يعني أن شحاتة ورفاقه في الجهاز الفني مستمرين في قيادة الفريق.
ولكن يبدو أن الجهاز الفني وجد نفسه في موقف صعب يحتاج لتصريح "زهقنا منه" بتجديد الثقة، وهو أمر لم يعد مقبولا، مع الاعتراف بأن البعض بالغ في الهجوم على حسن شحاتة لتصفية خلافات قديمة تتجدد مع كل تعثر للمنتخب، ولكن في نفس الوقت فإن شحاتة "حساس" للغاية تجاه كل نقد يوجه له وهو أمر كان يجب أن يتعود عليه.
ثم انطلقت أصوات تطالب وسائل الإعلام بعدم القسوة على الجهاز الفني واللاعبين، وعدم تناسي أن هذا الجيل من اللاعبين والمدربين "فرحونا كتير"، وتناسى هؤلاء أن هذا الجيل من اللاعبين والمدربين أيضا حصلوا على الكثير من المكافآت "وفلوس كتير" ولم يقصر معهم أحد، كما أن كل أجيال كرة القدم في العالم ممن حققوا كأس العالم لبلادهم تعرضوا للنقد عند الإخفاق، حتى بعد فوزهم بأكبر بطولة في العالم، فما معنى عدم القسوة بالنقد على اللاعبين ومدربيهم، وهل المطلوب تحيتهم على الهزيمة من النيجر التي لا يعرف الكثير من جماهير كرة القدم موقعها على خريطة إفريقيا؟!
على مسؤولي اتحاد الكرة أن يتحملوا مسؤوليتهم تجاه الهزيمة وعدم إلقاء الحمل كله على الجهاز الفني واللاعبين، بعد أن قصروا كثيرا وطويلا في عملهم، وتخفوا وراء إنجازات المنتخب على مدار السنوات الماضية، بدليل أنه لا يوجد جيل ثان يحمل الشعلة من الجيل الحالي، فأين لاعبي الصف الثاني؟ فلم نشاهد لاعبا من المنتخب الأولمبي أو الشباب مع فرقهم في الدوري العام بمستوى يليق، وهذا يرجع إلى سوء إدارة اللعبة في مصر.
الفترة الماضية أكدت أن هناك لاعبين في صفوف المنتخب الوطني الأول لم يعد من المقبول استمرارهم مع الفريق، مثل محمد أبوتريكة الذي يعيش على ماضيه المشرق، ولم يظهر النجم الكبير "سابقا" بمستوى يليق منذ ما يقرب من عامين، وهى سنة الحياة، فكل نجوم العالم اعتزلوا وبقيت صفحاتهم الناصعة في التاريخ، وأعلم أن العديد من الأصوات سترفض ذلك ولكنها الحقيقة التي يجب أن نعترف بها إذا كنا جادين في الإصلاح، وعلى أبوتريكة أن يفكر في مستقبله على المستوى الدولي على الأقل حفاظا على رصيده وعدم الإنصات "للمهاويس" وإتخاذ القرار المناسب.
والأمر لا يتوقف عند أبوتريكة، ولكنه نموذج فقط، فعمرو زكي انتهت علاقته بكرة القدم منذ الهدف العاشر مع ويجان الإنجليزي، ولم يظهر بمستواه منذ تلك المرحلة، وهناك لاعبون آخرون يعلمهم الجهاز الفني بدليل أن حسن شحاتة، نفسه اعترف بذلك بعد "خيبة " النيجر، وعليه أن ينقذ نفسه باستبعاد اللاعبين غير الصالحين للعب مع المنتخب، ولكن الأزمة التي ستواجه شحاتة وجهازه أنه لا يوجد جيل ثان صالح للاستعمال وحمل الشعلة، فالتجارب السابقة أكدت أن عميلة الإحلال والتجديد لن تؤت ثمارها تواجه مشاكل عديدة لعدم وجود البدليل الكفء، وهي مسؤولية اتحاد الكرة وليست مسؤولية الجهاز الفني.
الهزيمة أمام النيجر فضيحة بكل المقاييس، ولا نريد من يحاول التقليل مما حدث في "نيامي" وسيذكر التاريخ أن يوم 10 أكتوبر شهد أول فوز لمنتخب النيجر على بطل إفريقيا وصاحب المركز التاسع عالميا في تصنيف الفيفا، وهو ما يؤكد سوء إدارة اللعبة في مصر، لأنها ليست هزيمة طارئة، ولكنها نتاج طبيعي لما يحدث في الفترة الأخيرة، بعدما تفرغ جميع المسؤولين "فنيا وإداريا" لكل شيء إلا كرة القدم، ولا نريد أن ينشغل الجميع بلقاء الأهلي والترجي في إياب نصف نهائي بطولة دوري أبطال أفريقيا، عن أزمة منتخب مصر التي تعتبر أزمة للكرة المصرية.
أعترف بأن التراجع الفني في المستوى وهبوط المنحنى أمر طبيعي في كرة القدم، ولا يوجد فريق في العالم يفوز طوال الوقت، ولكن ليس بهذا الشكل المتدني الذي ظهر عليه المنتخب في لقاء النيجر، فالأمر الآن يحتاج لتدخل جراحي مؤلم، فالإنسان يحتاج في بعض الوقت للشعور بالألم حتي تسمر به الحياة، وهو ما تتطلبه كرة القدم المصرية في هذه المرحلة الصعبة والمؤلمة على الجماهير.
بعد هزيمة المنتخب أمام النيجر هل تعاد الأمور إلى نصابها الصحيح في اتحاد الكرة؟ هذا هو السؤال الأصعب الذي يحتاج لإجابة واضحة وحقيقة دون لف أو دوران أو كذب من مسؤولي الاتحاد، لأن الأمر لا يحتمل ذلك، وهل سيتفرغ المسؤولون في الجبلاية للعمل بعيدا عن لغة المصالح التي سيطرت عليهم في السنوات الأخيرة؟ وهل سيقوم كل عضو من أعضاء الاتحاد بمهام عمله التي انتخب من أجلها ونسيان أطماعهم ولو قليلا من أجل الحفاظ على مقاعدهم .. أم سيواصلون مسيرتهم الناجحة في تسير مصالحهم على إعتبار أن الغالبية منهم راحلون بعد الدورة الحالية، رافعين شعار "يارايح كتر من الفضايح"؟
هل سيتخلى مجدي عبد الغني عن لجنة شؤون اللاعبين؟ وحازم الهواري عن الكرة الشاطئية والخماسية؟ وهل سيتخلى الاتحاد عن محاولات إفشال جمعيته العمومية لأسباب غير واضحة؟ هل سيواصل اتحاد الكرة الإعتماد على أبواق إعلامية فضائية "متصابية شاخت على مقاعدها" لتدافع عنه بالحق والباطل طوال الوقت دفاعا عن مصالحهم، هى أصوات فقدت مصداقيتها وإحترامها لدى الرأي العام، وليعلم أعضاء مجلس إدارة الاتحاد أن خروج مصر من تصفيات كأس الأمم الافريقية سيقلل كثيرا من قيمة بيع حقوقه التي شغلتهم جميعا طوال الأسابيع الماضية، ولن يخرج أي منهم بأي مكاسب توقعوها.
على الهامش:
وصلات "الردح" اليومية بين مقدمي برامج قنوات "مودرن" يجب أن يبحث لها وزير الإعلام أنس الفقي، عن حل لانها تسيء للإعلام الرياضي كله، وهو المسؤول طالما أن هذه الأفعال المشينة لا تلفت نظر صاحب "الدكان"! فما يحدث الآن أشد قسوة وعنفا مما فعله أحمد شوبير وعلاء صادق اللذين منعا من الظهور على شاشات التليفزيون.