كتب : أحمد سعيد | الأحد، 07 نوفمبر 2010 - 22:16
"زمالكاوي" .. تمويل جماهيري بدون مهانة التبرعات
قبل الدخول في تفاصيل الفكرة التي يمكن للزمالك تطبيقها بالتعاون مع جماهيره، ينبغي التطرق أولا إلى التجارب الأوروبية في مجال التمويل الجماهيري، والتي إما يستشهد بها بعضهم من دون الإلمام بكافة أبعادها، ولم يسمع بها البعض الأخر من الأساس.
فنادي كولن الألماني على سبيل المثال لجأ إلى جماهيره لتمويل ضم لوكاس بودولسكي فيما قامت استفاقة ناد مثل سيفيليا في السنوات العشر الأخيرة على أكتاف أعضائه ومحبيه، وهو الأمر نفسه الذي ينطبق على أندية إسبانية أخرى مثل أتلتيكو مدريد وخيتافي.
الفارق الأساسي بين كولن وسيفيليا من جانب والحساب البنكي الذي يفتحه الزمالك كي يتلقى دعم جمهوره من جانب هو أن النموذج الأول يحصل من خلاله المشجع على فائدة أو ميزة في مقابل أمواله فيما يطلب النادي القاهري العريق من أنصاره أن يقدموا تبرعات بلا عائد سوى الشعور بالرضا لإنقاذ النادي من عثرته.
فكولن أنشأ موقعا إلكترونيا يحصل من خلاله على أموال الأنصار من خلال تأجير مساحات على صورة ضخمة لبودولسكي (الصورة الرئيسية أعلى المقال). هذه الصورة مقسمة إلى مربعات صغيرة أو pixels ثمن الواحدة 25 يورو فقط. ويمكن لأي شخص أو جهة ترغب في المساهمة في الصفقة تأجير أي عدد من هذه المربعات واضعا عليها إعلان سواء شخصي لنفسه، أو للمؤسسة التي يمتلكها أو يعمل بها.
الفكرة اجتذبت عددا من الشركات لوضع إعلانات لها اعتمادا على التغطية الإعلامية الكبيرة وتناقل الصورة بين الأفراد عن طريق الإيميل أو "فيسبوك" وخلافه. ليس هذا فحسب، بل اجتذبت بعض الشخصيات الرياضية الشهيرة مثل سائق سيارات "فورميولا وان" مايكل شوماخر الذي استأجر مساحة على الصورة مقابل ما يقرب من 900 يورو وضع عليها صورته ورسالة قصيرة إلى بودولسكي.
رئيس سيفيليا خوسيه ماريا ديل نيدو قاد ثورة في ناديه خلال منذ تولي المسؤولية في عام 2000 من خلال تشجيع أبناء المدينة ومشجعي الفريق على الانضمام كأعضاء عاملين من خلال تخفيض قيمة العضويات ومنح حامليها امتيازات كثيرة بالحصول على تذاكر موسمية منخفضة الأسعار وضمان مقاعدهم في المباريات داخل الأرض، وتنظيم رحلات مخفضة لمباريات الفريق الخارجية سواء داخل إسبانيا أو بطولات أوروبا.
استثمر ديل نيدو أيضا في قطاع الناشئين والأكاديميات كي يستطيع توفير احتياجات الفريق الأول وبالتالي بيع لاعبي الفريق الأول، فلم يتردد في بيع كبار نجومه مثل خوسيه أنطونيو رييس، وجوليو بابتيستا، وسيرخيو راموس، وداني ألفيش، وفي الطريق خيسوس نافاس ودييجو كابل من دون أن يفقد الفريق خطورته أو قدرته على المنافسة.
ما هي بطاقة "زمالكاوي"؟
ربما تكون مقدمة طويلة نسبيا، ولكنها لازمة لتوضيح أن حملات المساندة الجماهيرية دائما ما تحمل فائدة ملموسة للمشجعين، سواء كانت في شكل إعلان مثل كولن أو في شكل عضويات ورحلات وتخفيضات بالنسبة لسيفيليا.
وأنا هنا لا أقترح أن يحاول الزمالك بيع صور لاعبيه الكترونيا بالـpixel أو فتح باب عضويات جديدة في نادي ميت عقبة الذي يسع بالكاد لعدد أعضائه الحاليين، ولكنه يمكن أن يحول مشروع التبرعات هذا إلى مشروع للمشجعين لاقتناء بطاقة يمكن تسميتها "زمالكاوي".
فإذا كان العضو العامل يدفع ثمن الاشتراك وتجديده سنويا ويحصل على بطاقة عضوية تتيح له التواجد في النادي والاستمتاع بأنشطته، فإن بطاقة "زمالكاوي" هذه سيحصل المشجع بموجبها على مميزات أخرى يمكن للنادي توفيرها له من دون تكلفة إضافية.
الفكرة بسيطة ومطبقة أيضا بأشكال مختلفة في أوروبا، وتتمثل في اتفاق نادي الزمالك مع عدد من المحال التجارية أو الجهات التي تقدم خدمات وسلع للجمهور للحصول على تخفيضات بنسب مختلفة في حال إبراز "بطاقة زمالكاوي" عند الحجز أو الشراء.
تشمل هذه القائمة محال لبيع الأدوات الكهربائية، والملابس الرياضية، ومحال الأثاث المنزلي، والسوبر ماركت، ومطاعم وسينمات ومسارح، ومستشفيات ومعامل، ومراكز صيانة السيارات، وشركات السياحة والفنادق وبالطبع تذاكر مباريات الزمالك، إضافة إلى عشرات من السلع والخدمات الأخرى.
هذه الجهات التي تقدم السلع أو الخدمات سترحب بشدة بالتعامل مع نادي الزمالك من دون الحصول على جنيه واحد مباشرة من النادي، لأن الدخول في قائمة أصحاب التخفيضات لحاملي "زمالكاوي" ومنح نسبة تخفيض لا تتجاوز 10% أو 15% على السلعة أو الخدمة سيجعلهم الاختيار الأول لأصحاب هذه البطاقة، وسيرجح كفتهم على المنافسين لهم في السوق.
هذه الفكرة موجودة وقائمة بالفعل في السوق المصرية، وربما أغلب من يقرأ هذا المقال الآن استقبل مكالمات هاتفية من شركة أو أكثر من شركات بطاقات التخفيض تعرض عليه خدماتها، والمتاجر التي تتعامل معها، وتغريه بالاشتراك والحصول على البطاقة.
الفارق بين كافة هذه الشركات وبين "زمالكاوي" هو أن المشروع لن يحتاج إلى مجهود كبير لإقناع المشجعين باقتنائه أو الثقة في اسمه. فإذا كان النادي يعتقد أن جمهوره الكبير سيبادر إلى التبرع لصالح النادي من دون الحصول على مقابل، فإن من باب أولى أن يزيد عدد وإقبال هذا الجمهور إذا كان سيحصل على مميزات جراء المبلغ الذي سيدفعه للنادي.
هذه البطاقة من الممكن أن تنقسم إلى ثلاثة أقسام بأي أسماء (ذهبي وفضي وبرونزي) أو (أ – ب – ج) أو ما إلى ذلك، بحسب القوة الشرائية لكل فئة، والمحال أو المتاجر التي تتعامل معها، وأنواع السلع والخدمات التي تحتاجها، وأيضا يترتب عليه سعر البطاقة.
فالمستوى الأول قد يكون سعر البطاقة فيه ألف جنيه مثلا، ويستهدف هؤلاء الذين يقضون إجازاتهم في فنادق النجوم الخمس، ويتعاملون مع أبرز الماركات والموديلات، وهؤلاء أنفسهم هم من كانوا يذهبون في رحلات لتشجيع الزمالك في مبارياته الإفريقية حينما كان منافسا أساسيا في دوري الأبطال كل عام.
المبلغ - وإن كان كبيرا بالنسبة للغالبية العظمى من الجماهير فإنه - لا يمثل مشكلة لفئة المشجعين من الفنانين ورجال الأعمال (ولا تظن أن هؤلاء لا يسعون خلف تخفيض 10% مثلي ومثلك!) والذين تعد الألف جنيه بالنسبة لهم "فكة"، ويمكن أيضا تحفيزهم للحصول على بطاقة ذهبية بأمور معنوية مثل العشاء مع شيكابالا، أو تسديد ثلاث ركلات جزاء على عبد الواحد السيد في نهاية المران، أو الانتقال في أتوبيس الفريق عند مواجهة الاتحاد السكندري.
المستوى الثالث أو البرونزي يمكن أن يبلغ سعره 100 جنيه فقط، وحينها يمكن أن تتركز المتاجر المتعاملة معه مع الأماكن التي يرتادها الشباب أو الأسرة المصرية العادية مثل دور السينما أو محال السوبر ماركت الكبيرة وخلافه، وبالتالي ستباع هذه البطاقة بالآلاف وسترحب باستقبالهم هذه المتاجر لأن نسبة أرباحها ستزيد بازدياد أعداء العملاء رغم نسبة التخفيض.
المستوى الأوسط أو الفضي سيكون بالطبع مبلغا بين الأول والثالث ويستهدف أيضا شريحة تناسبه من المشجعين ويضع لها قائمة من الأماكن التي يتعاملون معها ويترددون عليها بصفة مستمرة.
لماذا "زمالكاوي" بدلا من التبرعات؟
• لأن لها قيمة اقتصادية، يستفيد بموجبها النادي والمشجع وليس النادي فحسب، كما قد تمثل انتعاشة مالية أيضا لأي من أعضاء النادي الذين يمتلكون أو يعملون بهذه المشروعات التي تقدم التخفيضات وبالتالي يخرج الجميع فائزا من الفكرة.
• فكرة سهلة التطبيق بدليل وجود عدد لا بأس به من الشركات في مصر تقوم على هذا الاستثمار، ولن تحتاج إلى تخصيص ميزانية كبيرة، أو وقتا طويلا لخروج المشروع إلى النور، وسيقتصر دور مجلس الإدارة فيها على الإشراف على الشركة التي سيتم التعاقد معها لإطلاق البطاقة والترويج لها.
• فكرة تنتمي إلى عالم التسويق وتنمية الموارد، التي من المفروض أن تكون ضمن خبرات أعضاء مجالس الإدارات، لأن الخروج في الفضائيات والدعوة لجمع التبرعات وفتح حسابات في البنوك يستطيع أي شخص أن يفعلها من دون أن يكون له تاريخ في الإدارة أو الرياضة أو القانون.
• أكثر إنسانية، لأن رب الأسرة الزمالكاوي الذي سيشعر بالذنب لأنه دفع 100 جنيه لنادي الزمالك بدلا من شراء شئ للبيت أو العيال، سيكون سعيدا بدفع هذا المبلغ والحصول من خلاله على تخفيضات وتسهيلات على مدار العام.
• أكثر "شياكة" من التبرعات، ولن تضع مشجعي الزمالك في مواقف حرجة مثل التي بدأوا فعلا في التعرض لها منذ إعلان فتح الحساب البنكي، فحمل بطاقة أنيقة عليها اسمك وشعار الزمالك أفضل كثيرا من دفع أموال للنادي ثم تلقي رسائل على هاتفك المحمول من نوعية "سلفني شكرا" أو "اتبرع ولو بجنيه"!
مقالات أخرى للكاتب
-
للمبتدئين والتقليديين .. كيف تختار مدربا في 5 خطوات؟ الخميس، 20 نوفمبر 2014 - 12:26
-
لماذا "7" بدلا من "3"؟ الأربعاء، 09 يوليه 2014 - 01:14
-
عضة سواريز.. والحضارة الانسانية الجمعة، 27 يونيو 2014 - 21:46
-
قصتان ينبغي على محمد يوسف أن يقرأهما الإثنين، 17 مارس 2014 - 22:15