لا يمكنني الرضا بمشهد إقالة البدري لنهاية دراما الأهلي الموسم الحالي والمستمرة من العام الماضي، وأظن المشاهد يستحق المزيد من الأجزاء على إدارة الأحمر إنتاجها سريعا.
فالتأخر في كتابة سيناريوهات الفترات المقبلة قد ينتج عنه رتابة في الأحداث ومط وتطويل يضعنا أمام مسخ لمسيرة الفريق ليس داخل المستطيل الأخضر فقط.
ليست المشكلة بالطبع هي خسارة مباراة الإسماعيلي، وليست توديع دوري أبطال إفريقيا من نصف نهائي البطولة أو خسارة كأس مصر في المباراة النهائية، ولكن المشكلة هي الأسلوب.
هذا ما يؤكد أن الإطاحة بالبدري لن تنجح في إخراج الفيلم الأحمر بنجاح، فهو شخصية مجرد فرد في منظومة، وغيابه عن المشهد لن يصحح مسار الأحداث بالضرورة.
أفضل هنا اختيار سيناريو المؤامرة التي يتحمل المسؤولية فيها أطراف متعددة تتجمع على ضحية واحدة هي الجمهور الأهلاوي هنا، ولا أقصد بالطبع بكلمة المؤامرة أن الضرر الذي لحق ببطل الدوري كان مدبرا ومقصودا ولكني أقصد أنه كان عملا جماعيا تحميل البدري وحده مسؤوليته يحول لكبش فداء لا أكثر.
لن أغرق في استخدام الفلاش باك وأعود بالزمن إلى اتخاذ لجنة الكرة قرارها بتعيين البدري لخلافة مانويل جوزيه، لكي لا يكون مشهدا محروقا، ولكن لنعد نفس اللجنة ونقيم أدائها قبل الموسم الحالي.
فبعدما أثبت البدري قدرته على تحقيق أهداف الموسم بالفوز بالدوري والوصول لنهائي الكأس لم تمنح اللجنة الرجل الصلاحيات المطلقة لإدارة فريقه بما يحلو له.
التعاقدات الضعيفة خاصة لمهاجمين ظهر فيما بعد ومبكرا جدا عدم رضا البدري عنهم بما ينبئ بأنه لم يكن راضيا عن اختيارهم في المقام الأول، ولعل مشهد البدري وهو يبدي ضيقه من فرانسيس وهو يضيع الهجمات وابتسامته الساخرة وهو ينظر لغدار اللبناني خير دليل.
لجنة الكرة المسؤولة عن منح البدري قائمة أشبه بالكمثرى ممتلئة من الوسط بنجوم أكثر من اللازم وترك دفاعه وهجومه من دون تدعيم حقيقي.
من المفترض أن يكون البدري المسؤول الأول عن قائمة الفريق خاصة وأنه كان ممكنا فرضه شروطه على الإدارة للاستمرار في مقعده، لكن إن كانت لجنة الكرة لم تمكنه من ذلك فعلى أعضائها برئاسة حسن حمدي اعتناق الأمانة مع أنفسهم ولا يحاسبوا البدري وحده على أخطائهم.
نقيصة أخرى التصقت بالبدري على مدار قيادته للفريق الأحمر وهي عدم سيطرته على اللاعبين وبعده عنهم.
وهنا يجب الإشارة إلى أن تهمة البعد عن اللاعبين قد تكون غريبة عن المدير الفني الذي عمل مع أغلبهم مدربا عاما وقائما بأعمال مدير الكرة في عهد سلفه جوزيه.
أما السيطرة عليهم فهي جزئية أخرى، ومسؤولية مشتركة ولا تقع وحدها على البدري، فعندما نستمع للاعبين وهم يعبرون بصورة أو بأخرى عن عدم راحتهم نفسيا مع البدري، أو نرى غضبهم عند التغيرات، لا يمكن حينها إرجاع الأمر فقط لضعف شخصية البدري.
فلا يمكن أن تقنع لاعبين كبار باحترام مدير فني لا يرون الإدارة توليه الأمر ذاته من الاحترام.
إدارة الأهلي ولجنة الكرة تتساوى مع البدري في تحمل مسؤولية ما وصل إليه الأهلي الآن، مع مضاعفة نصيبها لأنها من جاءت بالبدري من الأساس.
إدارة الأهلي تتحمل كذلك التخبط الذي شهدته الأللعاب الجماعية الأخرى، وهي من يتحمل تراجع قوة المارد الأحمر في القضايا الإفريقية والمحلية.
وإدارة الأهلي وحدها تتحمل ما سيحدث فيما بعد مع إقالة البدري في منتصف الموسم، وستتحمل وحدها عقبة عدم منح خليفته الحرية لتدعيم الفريق بما يراه مناسبا في يناير المقبل.
مشهد النهاية لتخبط الأهلي ليس في إقالة البدري، بل قد يكون هذا حبكة الفيلم التي تشهد تصاعدا دراميا ممتعا، أو يتحول الأمر لمسلسل درامي طويل بعيد عن الإثارة ومليئ بالتراجيديا.