وليد الحسيني

الشعب يريد إسقاط "بتوع الكورة"

بدأت ثورة الغضب في مصر يوم 25 يناير الماضي ، وستستمر لفترة أطول حتى تتحق مطالبها الطويلة ، وأهمها إنهاء حالة الفساد التي سيطرت على الحالة المصرية لسنوات طويلة...
الأربعاء، 23 فبراير 2011 - 17:29
بدأت ثورة الغضب في مصر يوم 25 يناير الماضي ، وستستمر لفترة أطول حتى تتحق مطالبها الطويلة ، وأهمها إنهاء حالة الفساد التي سيطرت على الحالة المصرية لسنوات طويلة ، دفع ثمنها المجتمع المصري كثيرا ، وأهدرت خلالها مقدرات مصر المالية والسياسية بفعل مسؤوليها السابقين والحاليين الذين مازالوا في السلطة ، وهو ما يغضب شباب 25 يناير ، بعد أن ضجوا كثيرا وطويلا من هذه الوجوه السقيمة والمقززة والمرعجة والمرفوضة شعبيا .

الفساد الذي عشش في مصر سنوات طويلة لن يرحل بين ليلة وضحاها ، ويحتاج لجهود كبيرة لإزالته ، خاصة وأن الغالبية العظمى من المسؤولبين تربوا في دولة فساد طالت كل عناصر المجتمع ، وأسوء ما فعله النظام السياسي المصري في السنوات الماضية ، أنه ربى جيلا من الفسدة والمفسدين لدرجة أنه حول الشعب إلى فاسدين ، حتى أصبح الفساد هو العنوان الرئيسي للشارع المصري ، وإنهاء حالة الفساد تحتاج لجيل جديد .

إذا كانت مظاهرات الغضب قد أجبرت رؤوس النظام السياسي على الرحيل والتنحي والخروج المهين غير الامن ، فإن هناك رؤوس أخرى مازالت تتمسك بمقاعدها ومراكزها ولا تريد ترك أمكانها متصورين أن الزمن سيعود للخلف من جديد وهو ما يكرس لقصور في الفكر والقدرة على إستيعاب الهزة العنيفة التي تعرض لها المتجنع المصري " ناس مفيش عندها دم "

إذا ركزنا الكاميرا على الوسط الرياضي ، فسنجد أن أغلب مسؤولي هذا الوسط مازالوا يتعاملون مع الأمر الجديد بقصور واضح في الفكر ، فلم نسمع عن أي مسؤول قدم إستقالته أو حتى فكر فيها ، برغم كل المصائب والمساويء التي إرتكبوها في حق البلد على مدار سنوات طويلة عاشوا خلالها على خط الفساد ، ولا أعرف ما إذا كانوا في حاجة لمظاهرات جديدة تجبرهم على الرحيل مثلما حدث مع رأس النظام المصري السابق ، ولكنهم أهيف وأقل من أن تقوم مظاهرات لإجبارهم على الرحيل ، وسيرحلون بقوة الدفع الذاتي لثورة مصر ، وهل المسؤولين في الوسط الرياضي أفضل أو أهم من رئيس الدولة حتى يبقوا على كراسيهم ويتمسكون بمناصبهم .

فساد إتحاد كرة القدم على مدار سنوات طويلة غير خافي على أحد ، وراجعوا كل ما كتب عن هذا الإتحاد طوال السنوات الماضية ، وستجدون كم من المصائب والفساد لا يحصى ولا يعد ، وخضع لتحقيقات في النيابة العامة منذ شهور قليلة ، إلا أن الفساد الذي كان يسيطر على الحالة المصرية حماهم من المحاكمة ، وان الأوان لأن يرحل مسؤوليه ويقدموا للمحاكمة .

هل نسى الناس ما حدث في دبي عام 2008 وفضيحة " العلب " والخناقات العنيفة التي حدثت بين أعضاء مجلس الإدارة بسبب توزيع قيمة العلب ؟ هل نسى الناس ما حدث في مزايدة الإتحاد لبيع حقوقه التي ألغيت بقرار من فاسدين ؟ هل نسى الناس تدخل مسؤولي الإتحاد في لائحته لصالح أندية بعينها على مدار سنوات طويلة ؟ هل نسى الناس المخالفات المالية الكبيرة التي تمت داخل الإتحاد طوال السنوات الأخيرة وتحويل الإتحاد للنيابة العامة ؟ هل نسى الناس فضائح كرة الصالات والكرة النسائية ؟ هل نسى الناس فضائح وفساد التحكيم في مصر الذي تحكم في مصائر الأندية ، هل نسى الناس فساد العقود والتعاقدات التي أبرمها الإتحاد ؟ هل نسى الناس فضائح الخلافات بين أعضاء مجلس الإدارة وتهديد البعض منهم بفضح الأمر للرأي العام كنوع من التهديد لا أكثر للحصول على ما يريده ؟ وهذه مجرد عينه !

إتحاد كرة القدم هو أحد رموز الفساد في مصر ، ولابد من القضاء عليه ، والإتيان بأناس تعرف معنى الحق والعدل ، بعد أن عانى الوسط الكروي كثيرا من الفساد والإفساد .

فساد الوسط الكروي لا يتوقف عند اتحاد الكرة فقط ، بل أن الأندية لا تقل فسادا عن الإتحاد حسب الأعراف التي كانت تسير بها مصر على مدار سنوات طويلة ، وبنظرة سريعة على مجالس إدارات الأندية سنجد أن الفساد كان العنوان الرئيسي لها ، في ظل صمت مطبق من الجهة الإدارية التي ساهمت بدور لا ينكر في تزايد هذا الفساد ، وهناك نموذج واضح داخل النادي الأهلي ورئيسه حسن حمدي الذي سيطر على النادي وإحدى الوكالات الاعلانية الكبيرة في مصر في نفس الوقت ، التي يتعامل معها النادي الأهلي ، ودخول حسن حمدي قائمة الممنوعين من السفر والتحفظ على أمواله مجرد وقت لأن قائمة الفساد في مصر طويلة وستطوله قريبا ، بسبب تصرفاته داخل المؤسسة الصحفية التي يعمل بها .

رئيس النادي الأهلي الذي يتغنى بولائه وحبه لناديه تنازل عن أرض النادي بمدينة 6 أكتوبر ، مقابل حصوله على أرض لصالح شركته ، وباع ناديه من أجل مصالحه الشخصية ، وهذا مجرد نموذج وليس كل النماذج المخجلة ، وغير خافي على أحد كم الفساد الذي قام به رئيس النادي الأهلي خلال إنتخابات مجلس الإدارة طوال السنوات الماضية ، بتدخله لدى بعض المؤسسات الصحفية لحجب فرص منافسيه وإبعاد صورتهم وأفكارهم عن الرأي العام ، أليس ذلك نوعا من الفساد والإغتيال المعنوي ؟!

لم تكن البرامج الرياضية أقل فسادا من مسؤولي الرياضة المصرية ، بل أن البرامج الرياضية في المحطات التلفزيونية أسست للفساد في مصر بعدما إنتشر الإعلام الفضائي في السنوات الماضية ، وظهر عدد من الإعلاميين لا يقل فسادهم عن فساد أساتذتهم في العمل الذي أطلق عليه مجازا " تطوعي " وكانوا يطلون على المشاهدين ليبثوا فسادهم ، وروجوا لرجال الأعمال في برامجهم من أجل مصالحهم الشخصية ، حتى أصبح روؤساء الأندية من رجال الأعمال من نجوم المتجمع بفضل هؤلاء الفاسدين في المجال الإعلامي الذي أساءوا له .

دافع الإعلام الرياضي التليفزيوني عن الفساد في مصر ، وإستضافوا الفاسدين للدفاع عن مصالحهم بالباطل ، وإغتالوا كل من وقف أمام مصالحهم ومصالح أصدقائهم ، وقلبوا الحقائق ، والأن تواروا عن الصورة قليلا معتبرين أن هذا الإختفاء مؤقت حتى تهدأ الأوضاع ، وسيعودون للصورة من جديد وهو ما ينم عن غباء وجهل لأن ما تمر به مصر الأن لن ينته سريعا كما يتصورن ، كما أنهم فقدوا مصداقيتهم وإحترام الناس لهم ، بعد أن ظهورا على حقيقتهم أمام الرأي العام ، ولكنهم مازالوا يتعاملون مع الشارع على أنه غبي ، والحقيقة أنهم الأكثر غباء إذا ما تخيلوا أن الناس سيتنسى لهم ما فعلوه على مدار سنوات .

نقطة أخيرة :

يوما بعد يوم تثبت القوات المسلحة أنها الجهة الأكثر إحتراما في مصر ، ويوما بعد يوم تكتسب أرضا جديدة لها داخل قلوب وعقول المصريين ، فبعد الموقف الرائع من ثورة الغضب ومساندتها للمتظاهرين وحماية الشرعية المصرية ، عاد المجلس الأعلى للقوات المسلحة ليؤكد أن الجيش المصري هو جيش المصريين القائم على حمايتهم وحماية ثورتهم ، ولاحق الفاسدين ولكنهم في حاجة لمزيد من الوقت لأن كم الفساد في مصر كبير لو كنتم لا تعلمون!