شريف حسن

حاكموا التوأم

حتى إذا تغاضيتم عن زرع التعصب واستفزاز المنافسين والتحريض ضد أبناء الوطن، ألا يستحق التوأم محاكمة بسبب ما حدث في استاد القاهرة أمام الإفريقي التونسي.<br>
الأحد، 03 أبريل 2011 - 19:30
حتى إذا تغاضيتم عن زرع التعصب واستفزاز المنافسين والتحريض ضد أبناء الوطن، ألا يستحق التوأم محاكمة بسبب ما حدث في استاد القاهرة أمام الإفريقي التونسي.

فماذا بعد تحريض مدير الكرة بالنادي الأبيض جماهير الفريق باقتحام الملعب لإرهاب لاعبي الفريق المنافس؟ فهو لا يجب عقابه فقط ولكن لابد من محاكمته بتهمة إثارة الشغب.

فعندما يقول إبراهيم حسن عقب مباراة الذهاب أمام الإفريقي "أطالب جماهير الزمالك بالنزول إلى أرض الملعب في مباراة العودة، يجب أن نفعل معهم ما فعلوه معنا" فهذا يعد تحريضا صريحا لشخص من المفترض أنه مسؤول.

ولكن الأمور في القاهرة تطورت أكثر مما كان يظن "المسؤول" لتقتحم الجماهير البيضاء الملعب وتفسد المباراة وتكسر الاستاد وتضرب لاعبي المنافس.

اقتحام استاد القاهرة كاد يتحول إلى كارثة إنسانية نخسر فيها أراوح، أو كارثة دبلوماسية بإفساد العلاقة بين الشعبين المصري والتونسي لولا ستر ربنا.

ولكن الكارثة الحقيقة هي محاولة تزييف الحقائق وإلصاق الأمر بالثورة المصرية النبيلة بل والدوران في دائرة نظرية المؤامرة المستوطنة في عقولنا منذ سنوات.

فالبعض يبرر الأحداث بأنها من مخططات الثورة المضادة، والمتشائمون يلقون الاتهامات نحو أخلاقيات الثورة ومكتسباتها، وهي الأمور العارية تماما من الصحة.

فدعونا نعترف بالحقائق ولا ندفن رؤوسنا في الرمال، فما حدث في استاد القاهرة ليس من قلة مندسة ولا من تدبير ثورة مضادة ولكنه ناتج عن جهل قطاع كبير من الشعب المصري.

والجهل لا يعني عدم القدرة على القراءة والكتابة، ولكنه عدم القدرة على التفريق بين حقك كمواطن حر، وواجباتك نحو ممتلكات بلادك وسمعتها.

فالنظام السابق تفنن في إفساد عقولنا على مدار 30 عاما، وهو ما لن نتخلص منه في شهر أو عدة شهور.

ولكن المأساة هي بقاء المسؤولين "الجهلة" في مناصبهم، فإذا كان الشعب يعاني من الجهل فهو يسهل انقياده، وإذا كنا نريد تقدم هذه البلاد علينا اختيار القيادات الرشيدة.

فإذا كنا نريد محاكمة الحزب الوطني وقياداته بتهمة إفساد الحياة السياسية في مصر، فعلينا أن نحاكم التوأم بتهمة إفساد الحياة الرياضية أيضا.

فهذه ليست أولى وقائعهم أو تصريحاتهم غير المسؤولة فما فعلوه في الجزائر منذ عامين مازال في الذاكرة، وتحريضه بتعذيب شباب الثوار مازال في الأذهان.

فتعلق المصريون بكرة القدم يفوق أي مجال آخر، مما يجعل من السهل قيادة الأغلبية من المشجعين نحو أفعال غير سوية بسبب ضعف التعليم والتثقيف، ولنا في ما حدث بين مصر والجزائر عبرة.

فعلينا أن نطهر أنفسنا من العناصر الفاسدة التي مازالت تعبث في تلك البلاد فسادا في كافة المجالات حتى لو كانت ترفيهية.

فكرة القدم في العالم أجمع هي وسيلة للترفيه والاستمتاع، ولكن أن يتعمد البعض تحويلها إلى حرب وتعصب، باللعب على عواطف المشجعين لتحقيق مجد شخصي فقط، فهذا أمر يستحق الحساب والعقاب.

ملحوظة أخيرة لمن يقولون أننا لا ينفع معنا سوى العصاية والكرباج لكي نلتزم: ألم نجرب هذا النظام لـ30 عاما ولم نتطور خطوة واحدة ؟؟ دعونا نجرب التوعية والتثقيف وننتظر النتائج.