إن ما حدث قرب نهاية مباراة الزمالك والإفريقي لا يتحمل مسئوليته الجمهور الأبيض وحده لأن الغالبية العظمي من أنصار الزمالك بالتأكيد تشعر بالمرارة والأسي علي هيبة وطنها قبل الشعور بالغيرة علي سمعة ناديها.
كما أن التهمة لا يمكن باي حال من الأحوال أن تُنسب إلي الثورة كما يزعم بعض "المنفسنين"، لأن شباب 25 يناير - الذين قاموا بتنظيف ميدان التحرير في موقف تاريخي أذهل وكالات الأنباء العالمية – لم يكونوا ليقتحموا الاستاد محاولين الاعتداء علي الحكم والمنافس قبل أن يشرعوا في تخريب ملعب مصر الأول.
إذن فمن المسؤول؟ الإجابة عن هذا السؤال تحتاج إلي مجلد وليس مقالا ولكن إذا اردنا أن نلخصها في كلمة واحدة ففي رأيي أنها: الجهل
ولكن ما سبب الجهل؟
السبب في الجهل الذي آلت إليه فئة عريضة من الشعب خلال الثلاثة عقود الأخيرة أصبح معروفا والمسئول عما وصلنا إليه من انحدار لا يستحق حتي ذكره.
فإذا نظرنا إلي الصورة الأكبر سنجد أن المشهد أعمق بكثير من مجرد "راجل بجلابية وشبشب" نزل إلي أرض الاستاد ليفرغ شحنة غضب سببها ما يعلمه الله من معاناة أو مجموعة من الشباب المثير للشغب حزنا علي خسارة فريقهم.
إنها ثقافة شعب مقهور اعتاد أن يتخذ من كرة القدم ملاذا للهروب من معاناة الحياة إما بالفرحة المفرطة في حالة الفوز أو الثورة غير المبررة بعد الخسارة، وبالتالي فقدت الرياضة الشعبية الأولي في العالم مذاقها الخاص المتمثل في الاستمتاع.
تحدث الكثير عن أن نظرة الشعب لكرة القدم سوف تتغير جذريا بعد الثورة وأنا مع هذا الرأي المتفائل إلي حد ما ولكني اعتقد أن هذا التغيير لن يحدث في شهرين بعد سنوات من الترهل الفكري.
هذا الجهل أثبت بجدارة تأثيره الواضح علي المصريين - وبالتحديد جمهور الكرة - في كثير من الاحداث خلال السنوات الأخيرة حتي وصل بنا الحال إلي العداوة بين ابناء محافظتين مصرييتين بسبب المنافسة بين الناديين الذين يمثلان المدينيتين ولا داعي لذكر أسماء لأن كل هذا في طريقه إلي زوال بإذن الله.
تمسكت بالرأي نفسه أثناء أزمة مصر مع الجزائر قبل عام ونصف واتهمني بعض المقربين مني بعدم الوطنية والانحياز ضد مصر مما اضطرني إلي الاحتفاظ برأيي لنفسي بعد ذلك.
لا أريد ان أسترجع تفاصيل، ولكن الأيام اثبتت أن الأزمة لم تكن بسبب بعض الجمهور المتعصب من البلدين الشقيقين ولا بسبب المقولة الكاذبة الفاسدة أن "دول شمال إفريقيا مش بتحب مصر" ولا "القلة المندسة" التي أصبحت مرتبطة بأي حدث في أي مكان!
ولكن المسؤول الأول كان الإعلام الفاسد (المصري في المقام الأول للأسف) والمسؤولين الفاسدين الذين وجدوا مكانهم تحت عباءة صرح من الفساد استطاع أن يدمر ثقافة شعب من أعرق شعوب العالم.
رأيي هذا ليس علي الإطلاق تشاؤما ولكنه علي العكس هو محاولة لمعرفة أصل المشكلة ومن ثم إيجاد الحل حتي نتمكن من التخلص تماما من آفات النظام القديم ولكن ليس بين يوم وليلة.
ملحوظة: أعلم أن إبراهيم حسن لم يكن يتخيل حجم المهزلة حينما دعا جمهور الزمالك للتواجد داخل الملعب عقب مباراة الذهاب ومن ثم فإن اتهامه بالتحريض مبالغ فيه وإن كان مشروعا، ولكنه درس يتلخص مغزاه في عبارة وهي : "كفاية كلام"!!
واعتقد أن في حال تمسك الزمالك بحسام حسن كمدير فني، فإن قرار إقالة إبراهيم قد يكون صائبا في ظل الظروف الراهنة.