وليد الحسيني

كلهم متورطون!

تباينت الأراء خلال الأيام الماضية حول "المهزلة" التي شهدها إستاد القاهرة حينما اقتحمت جماهير الزمالك لملعب المباراة ، فيما عرف إعلاميا بموقعة "الجلابية" والتي أصبح صاحبها أشهرمن "الراجل اللي كان واقف ورا عمر سليمان" في بيان تنحي الرئيس السابق حسني مبارك.<br>
الأربعاء، 06 أبريل 2011 - 20:16
تباينت الأراء خلال الأيام الماضية حول "المهزلة" التي شهدها إستاد القاهرة ، في لقاء الزمالك والإفريقي التونسي ، في إياب دور الـ 32 لبطولة دوري أبطال أفريقيا ، وما حدث خلاله من إقتحام جماهير الزمالك لملعب المباراة ، فيما عرفت إعلاميا بموقعة "الجلابية" والتي أصبح صاحبها أشهرمن "الراجل اللي كان واقف ورا عمر سليمان" في بيان تنحي الرئيس السابق حسني مبارك.

تراوحت الأراء والإتهامات ما بين تحمل التوأم " حسن " مسؤولية ما حدث ، على خلفية التصريحات التي صدرت منهما عقب لقاء الذهاب ، من أن إقتحام جماهير فريق الإفريقي لإستاد "رادس " يمكن أن يتكرر في إستاد القاهرة ، وهو ما رأه البعض نوعا من التحريض لجماهير الزمالك.

وألقى البعض الأخر باللوم على الجماهير الفوضوية التي إقتحمت ملعب إستاد القاهرة ، وإتهم أخرين رجال الأمن الذين تساهلوا في تأمين الملعب قبل بداية اللقاء ، وألمح أخر إلى دور رئيس هيئة إستاد القاهرة اللواء عبد العزيز أمين ، الذي تهاون في عمله ، وإتهم صراحة من أخرين بأنه من فلول النظام السابق .

بنظرة هادئة يمكن أن نقول أن كل من طالتهم الإتهامات متورطين في "الفضيحة" التي حدثت في إستاد القاهرة ، ولكن كل بقدر.

فالتصريحات المسجلة التي أطلقها التوأم كان لها دور في تحفيز الجماهير على إقتحام إستاد القاهرة ، ولا نستبعد تأثر الجماهير بتصريحات النجوم ، هذا إذا ما وضعنا في الإعتبار أن النجومية لها بريق لدى الجماهير ، هذا جزء لا يجب إغفاله ، ولكن لا يمكن أن نحمل التوأم كل المسؤولية وإلا سنكون غير منصفين ومبالغين.

كما لا يجب إغفال دور الغوغائية والفوضوية التي تحدث من الجماهير المندفعة وهو ما ظهر في الصور التي بثها التليفزيون ، لدرجة أن بعض الجماهير التي إقتحمت ملعب المباراة ذهبت لتقبيل حارس مرمى الزمالك عبد الواحد السيد ، في ذروة الأحداث ، هذه ثانية .

وحتى لا نتهم بعقدة الإضطهاد ، فسنجنب قليلا ما قيل عن وجود دور لفلول النظام السابق المدافعين عن مصالحهم المريضة ، ونبدأ من دور رجال وزارة الداخلية ، لأن كل الشواهد تشير وتؤكد أن الأمن تساهل وأهمل لدرجة تقترب من التواطؤ فيما حدث في إستاد القاهرة ، حيث أهمل الأمن في إجراءات تفتيش الجماهير قبل دخول الإستاد.

تفتيش الجماهير ليس له علاقة بالإساءة لها ، ومقولة أن رجال الداخلية رفضوا التعامل بقوة مع الجماهير بعد إقتحام ملعب المباراة هو قول مغلوط وحق يراد به باطل ، لانهم أهملوا في البداية وبالتالي فأنهم مسؤولين عما حدث بعد ذلك .

مازال دور رجال الأمن في الشارع المصري دور شرفي ، فهم موجودين بدرجة ما في الشارع ، ولكنه دور غير فاعل ، بمعنى أن وجودهم صوري " زي اللى بيرقص على السلم " وهو ما يجب أن يعاد فيه النظر من جديد ، فغير مقبول هذا التواجد الشكلي ، لأن رجل الأمن مطلوب منه تطبيق القانون على كل من يخالف القانون ، أما التحجج بأنهم لا يريدون الإحتكاك " بالناس" حتى لا يتهموا بأنهم يعتدون عليهم فأمر مرفوض وغير مقبول.

إذا كان البعض منهم يرفض العمل فعليه أن يترك وظيفته لأنه يتقاضى راتبه من الدولة مقابل أداء عمل ، وليس مقابل توقيعه في دفتر الحضور والإنصراف ، فالأمن لعب دورا خطيرا ومؤثرا فيما حدث في إستاد القاهرة ، ولا يمكن إنكار ذلك .

نأتي لدور مدير هيئة الإستاد عبد العزيز أمين ، الذي طالته الإتهامات بما هو معروف عنه من علاقته بالنظام السابق ، فالرجل صرح في وسائل الإعلام أن هناك أعدادا إقتحمت إستاد القاهرة الساعة العاشرة صباح يوم المباراة ، ومعها أسلحة بيضاء ، وأنه أبلغ الشرطة بذلك ولمن يتحرك أحد.

والسؤال هنا .. لماذا لم يبلغ القوات المسلحة التي تدير البلاد حاليا ، بعدما وجد تهاونا من الشرطة ؟ وأين كان هو من الساعة العاشرة صباحا وحتى السادسة مساء ؟ وليقل لنا مدير هئة الإستاد كيف دخلت هذه الأعداد الكبيرة من الجماهير أرض الملعب في هذه الدقائق القليلة؟ فالمؤكد أن الأبواب المؤدية إلى الملعب قد فتحت ولم تكسر أو تقتحم كما قيل، فمن المسؤول عن فتح تلك الأبواب؟

كلها أسئلة يجب على لجنة تقصي الحقائق التحقيق فيها مع عبد العزيز أمين ، ومعرفة من تلقى بلاغه ومحاسبته لأنه سيكون المسؤول الاول عن الفضيحة التي حدثت وأساءت لمصر كلها.

ما حدث في إستاد القاهرة ، لا يجب أن نختزله في كرة القدم وجماهيرها فقط ، لأننا لو صدقنا ذلك سنكون مثل من يدفن رأسه في الرمال ، فما حدث أكبر من كونه أحداث شغب من جماهير كرة القدم ، ويصل إلى حد التلاعب بسمعة بلد كبير لا يقدره من تلاعبوا.

المتورطون يجب أن ينالوا عقابا حاسما دون أن يخرج علينا من يدافع عنهم ، لأن كل من يثبت تورطه سيخرج لإلقاء التهم عن نفسه ويلقيها على الأخرين ، وقد مللنا من هذه "الإسطوانة المشروخة".

حسنا فعل رئيس مجلس الوزراء د. عصام شرف ، عندما وافق على عودة بطولة الدوري الممتاز بعد واقعة إستاد القاهرة ، لأنه لو كان قد اتخذ قرارا بإلغائه فكان سيؤكد للهمج أن الهمجية والفوضوية أصبحت قانونا ، وهنا لابد للدولة أن تستعيد هيبتها وقوتها بقوة القانون الذي يجب أن يطبق على الجميع بالتساوي ، لأن القانون هو من سيعيد هيبة الدولة المفقودة حاليا دون مواربة أو تدليس أو مبالغة .

كلهم متورطون وتعمدوا الإساءة للشعب المصري وللقوات المسلحة المسؤولة عن إدارة البلاد ، وكل من يثبت تورطه يجب أن ينال عقابه الذي يشفي غليل الغاضبين ، فمصر تعيش الأن مرحلة الفوضى والإنتهازية والمصالح الشخصية.

إذا إستمر الوضع على ما هو عليه الأن فالمستقبل سيكون أكثر ضبابية ، لأن الناس أصبحت تشعر بالقلق والخطر على مستقبلها في بلد كان أكثر ما يميزه هو الشعور بالأمان ولايجب أن نقايض بين الأمن ، وبين الحرية والإستقرار ، فجميعهم أركان أساسية لا يمكن التنازل عن أي منهم .

نقطة أخيرة

مطالبة بعض أندية الدوري الممتاز المعرضة للهبوط بإلغاء الهبوط للدرجة الثانية ، وهو نوع من الإبتزاز المرفوض والفوضوي ، وإذا وافق إتحاد الكرة على هذا الإبتزاز سيكون بداية طريق من الفوضى ، وسيكون بيع المباريات " على عينك يا تاجر " ويعبد طريق الفساد الذي إكتوت به مصر على مدار سنوات طويلة !!