أحمد عز الدين

تحليل بالفيديو – ألاعيب فيرجسون وجوارديولا

لن أقول إنها مباراة واعدة بالإثارة أو أنت على موعد مع المتعة. فهذا يبدو أمرا واضحا. أي طفل يعرف أن نهائي أبطال أوروبا سيكون واعدا مثيرا ممتعا. لذلك ربما أجدر بي الكتابة عن لماذا مانشستر يونايتد وبرشلونة أصبحا من علامات الكرة الجميلة في العالم.
الخميس، 26 مايو 2011 - 00:36
جوراديولا - فيرجسون - برشلونة - مانشستر يونايتد
لن أقول إنها مباراة واعدة بالإثارة أو أنت على موعد مع المتعة. فهذا يبدو أمرا واضحا. أي طفل يعرف أن نهائي أبطال أوروبا سيكون واعدا مثيرا ممتعا. لذلك ربما أجدر بي الكتابة عن لماذا مانشستر يونايتد وبرشلونة أصبحا من علامات الكرة الجميلة في العالم.

حسنا، نحن في نهاية الموسم وأظن أن الكل بات عالما بقواعد اللعبة فيما يخص برشلونة ومانشستر يونايتد، لن نكرر أنفسنا هنا.

لن نقول إن برسا ساحر لأنه يلعب دون مهاجم، أو أن مانشستر يقوده أفضل "مدير" في العالم من حيث القدرة على تهيئة مناخ يجعل اللاعب يقدم كل ما لديه، ليتحول بارك جي سونج من لاعب اشتراه النادي لزيادة مبيعات القمصان في أسيا لنجم تكتيكي رائع.

دعونا نحاول قراءة المباراة من زوايا أخرى، ما هي الألاعيب التي يحضرها المدربان للمواجهة، وما هي الثغرات التي يستطيع كل فريق أن ينفذ منها لإسقاط الأخر.

ولكن.. ربما علي أولا أن أكتب بعض العبارات السطحية نوعا عن مانشستر وبرشلونة، للأسف لا أجد مفرا من ذلك قبل تحليل المباراة نفسها.

لماذا مانشستر وبرشلونة الأجمل في العالم حاليا؟

هناك أندية تفضل الاسلوب الدفاعي مثل إنتر "مورينيو" المتوج بالثلاثية في الموسم الماضي، وأخرى تحب اسلوب التحكم في إيقاع المباراة مثل ميلان ومانشستر وبرشلونة.

ما يميز هذه الأندية عن بعضها هو نوعية وعدد لاعبي الارتكاز في وسط الملعب في الفريق، والأغلب أن معظم الفرق تستخدم على الأقل ارتكاز واحد ذو نزعة دفاعية.

فإن أقحم المدرب ارتكاز ثان يغلب عليه أيضا النزعة الدفاعية، فهذا معناه أنه لا يهتم كثيرا بالتحكم في إيقاع اللعب أو الحفاظ على الكرة بين أقدام لاعبيه فترات طويلة، بل يركز مجهود فريقه في استرجاع الكرة من الخصم في الشق الدفاعي، للعمل على مرتدات سريعة بعد ذلك.

وفي العام الماضي سيطر برشلونة على مجريات مباراته مع إنتر ميلان في ذهاب نصف نهائي دوري الأبطال بنسبة 75%، وخرج خاسرا بثلاثة أهداف لهدف لصالح النيراتزوري.

أما إذ دفع المدرب بارتكاز مثل أحمد حسن يجيد الاحتفاظ بالكرة لكنه يمرر بعد فترة طويلة من تسلمه الكرة فهذا يعني أن المدير الفني يرغب في التحكم في إيقاع اللعب وإبطاء هجمات الخصوم، وهذا الاسلوب اشتهر به ميلان فترة كارلو أنشيلوتي.

الاسلوب الثالث هو الاعتماد على ارتكاز دفاعي واحد فقط، مع وجود رفيق له يغلب عليه الفكر الهجومي ويجيد التمرير السريع والدقيق تحت الضغط تماما مثل شابي في برشلونة.

وميزة الاسلوب الثالث أن الهجمات تصبح أسرع وأخطر على الخصم، والكثافة العددية الهجومية تكون كبيرة، أما خطورته فهو احتمالية خسارة الهجمات سريعا والتعرض لمرتدات.

لكن وجود عناصر مثل ريان جيجز وبارك في وسط مانشستر من جهة، وإنيستا مع شابي من أخرى هو ما يجعل مانشستر وبرشلونة الأجمل في العالم، وهذا هو مفتاح نجاحهما الأساسي.

هذه المقدمة كانت هامة للتعريف باسلوب مانشستر وبرشلونة من جهة، ولأنها ستكون مدخلا لمقال مقبل عن الكرة المصرية وظاهرة استعمال ثنائي وسط يغلب عليه الطابع الدفاعي جدا.

الأن دعونا نبدأ الحديث عن الفريقين، ولنستهل التحليل بمانشستر يونايتد لأن برشلونة تحدثنا عنه كثيرا من قبل، ولن تكون هناك إضافات كثيرة عنه.

مانشستر يونايتد

اعتاد مانشستر يونايتد اللعب في الموسم الماضي بثنائي ارتكاز يشكله مايكل كاريك ومعه إما أندرسون أو بول سكولز أو دارين فليتشر بحسب المباراة ومتطلباتها.

لكن فيرجسون قرر تقليص عدد أصحاب المهام الدفاعية وتوزيع دور أندرسون على بارك جي سونج وجيجز وأنطونيو فالنسيا وواين روني.

ما فعله المدرب الاسكتلندي المخضرم هو وضع روني كمهاجم متأخر يلعب خلف خافيير هرنانديز مباشرة، وذلك للاستفادة بالطاقة الرهيبة التي يضخها الفتى الذهبي في الوسط.

مركز روني يجعله يأتي من الخلف دون رقيب، كما أن قدرته في الحفاظ على الكرة تحت الضغط في وسط الملعب تزيد قدرة مانشستر على التحكم في إيقاع اللعب.

إضافة إلى روني، دمج فيرجسون مهارة وإبداع "أروع عجوز في الملاعب العالمية" ريان جيجز مع الدينامو الكوري بارك.

ما أقصده هنا أن بارك وجيجز يتبادلان أثناء المباراة مهام الارتكاز الثاني وصانع اللعب، وأحيانا كذلك الجناح الأيسر خاصة إن كان روني موجودا في الوسط تحت هرنانديز.

حين يكون مانشستر في وضع هجوم، يصبح جيجز صانع لعب أو جناح أيسر لو كان روني متأخرا عن هرنانديز ولم يصل بعد لمنطقة جزاء الخصم. ويمتنع وقتها بارك عن التقدم ليحمي الوسط من المرتدات كارتكاز ثان جوار كاريك.

أما حين يدافع مانشستر يونايتد فإن جيجز يعود لأداء دور الارتكاز الثاني، ويتقدم بارك ليصبح هو صانع اللعب.

ذلك كون فيرجسون يحب ضغط الخصم من موقع صانع اللعب، وطاقة بارك وتركيزه يعيناه على ذلك، ليصبح مانشستر قادرا على منع هجمات برشلونة مبكرا.

فبارك قادر على ضغط سيرخيو بوشكتس وإجباره على التمرير الخاطئ، ولو نجح برشلونة في الحفاظ على الكرة والتقدم بالهجمة سيكون بارك أول عائد لمساندة جيجز مجددا.

وهذه الفكرة قد تكون صاحبة فضل على مانشستر في مواجهة برشلونة لو تم تطبيقها بإجادة، لأن نقطة ضعف البلوجرانا تأتي في تلك المنطقة التي يستهدفها جيجز وروني في تحركاتهما.

بوشكتس يلعب كارتكاز وحيد في برشلونة، ويميل غالبا ناحية اليمين لتأمين ألفيش المتقدم دوما، لذلك فالمساحة المقابلة له في الناحية اليسرى تكون بلا غطاء، خاصة لو تغيب أبيدال عن اللقاء.

فحين تكون الهجمة ناحية اليمين في برشلونة، يتحرك أبيدال من مركز الظهير الأيسر للعمق قليلا ليصبح ارتكاز ثان بجوار بوشكتس، أما أدريانو وماكسويل لا يفعلان ذلك.

لكن في النهاية تطويع فيرجسون لبارك وجيجز في مركز الارتكاز ليس مثاليا، ويفتح ثغرة في مانشستر تظهر حين ترتد هجمات من دفاعه، وتفتح مساحة أمام الخصوم للتصويب منها.

فبارك وجيجز لا يجيدان الرقابة الفردية ويتراجعان أكثر من اللازم حين يكون مانشستر تحت ضغط ثقيل، فتظهر مساحة أمام الخصوم للتصويب حين ترتد الكرة من دفاع الشياطين الحمر.

أما برشلونة:

فللمراجعة فقط، فقد كتبت من قبل على مدرسة برشلونة وأهم أفكارها، وكيف أن عدم وجود رأس حربة يجعل البلوجرانا متنوعا جدا في هجماته، ولا يمكن الدفاع أمامه باسلوب واحد فقط.

كذلك كانت هناك مقالة عن كيفية إسقاط برشلونة على لسان مورينيو، والذي كانت له حكمة هي "لا تراقب اللاعب الذي يملك الكرة بين قدميه، بل راقب اللاعب الذي لا يملك الكرة".

وتفسيره هو "حين تراقب اللاعب الذي لا يملك الكرة فأنت تقلل الاحتمالات أمام اللاعب الذي يملك الكرة، وتجبره وقتها على أن يعتمد على المراوغة، وثق أنه لن يفلح أمام دفاعك المتكتل".

النقطة الأولى التي تجعل خصوم برشلونة مرتبكين دفاعيا أمام ديفيد بيا، هو أنه يبدأ الحركة من الناحية اليسرى بعيدا عن الرقابة.

فوجود ميسي في العمق وإجادة إنيستا في الاحتفاظ بالكرة تحت الضغط، تجعل ثنائي قلب دفاع الخصم مشغول في رقابة الأرجنتيني والتغطية على أي تمريرة بينية قد تضرب العمق.

لذلك فإن بيا يجد نفسه حرا من دون رقيب وهو يتحرك من الناحية اليسرى بعرض الملعب متجها إلى العمق أو اليمين بحسب اتجاه اللعب.

النقطة الثانية تتعلق بأن بيدرو وميسي وبيا يلعبون على خط واحد، والهدف من ذلك هو تشكيل ضغط قوي على حامل الكرة من دفاع الخصم لإجباره على تمريرها بشكل خاطئ.

أضف لذلك أن دفاع برشلونة يتمركز في وسط الملعب بشكل متقدم جدا حتى تصبح المساحات قليلة أمام الخصم، فلا يتمكن من تمرير ثلاث كرات صحيحة متتالية ويفقدها بسهولة.

كما أن لبرشلونة ألعاب أو ألاعيب محفوظة، مثل ركض بيدرو وميسي من الجانب الأيمن إلى العمق ساحبان معهما الرقابة، ووقتها يرسل إنيستا كرة طولية إلى دانيل ألفيش الخالي تماما.

هذه اللعبة تكررت كثيرا في موسم برشلونة وسجل منها الفريق الكتالوني عدة أهداف منها اللقطة التالية في مباراة سيفيليا التي انتهت 1-1.

كذلك من الألاعيب المحفوظة لبرشلونة تقدم جيرارد بيكي مع هجمات برشلونة ليصنع زيادة عددية تجعل الخصم غير قادر على التعامل مع الهجمات الكتالونية، خاصة أن المدافع – صديق شاكيرا – يجيد كرة القدم كلاعب مهاري مستعينا بطول فارع وجسد قوي.

أخيرا يلعب برشلونة باسلوب زجزاج بحيث يكون بيدرو قادرا في أي لحظة التمرير للوراء إلى شابي أو للأمام عند ميسي، والأمر نفسه يحدث مع بيا باللعب مع ميسي أو إنيستا، وهذا يسهل دوما عملية إيجاد مساندة وتشكيل مثلثات هجومية تجعل البلوجرانا محتفظا بالكرة.

ومن مميزات البلوجرانا أنه فريق غير متسرع في إنهاء هجماته، بل قادر على التمرير طيلة الليل حتى تنكشف مساحات في دفاع خصمه، ما ذكره زميلي شريف حسن في موضوع خاص عن البرسا.

حسابات جوارديولا وفيرجسون للنهائي المرتقب قد تتغيير وتظهر نزعة دفاعية في تشكيل أحدهما.

لكن الرهان هنا في هذه القراءة على رغبة كلا المدربين في إثبات أن فريقه قادر على الفوز وهو يهاجم ليثبت أنه الأفضل فعلا.

بعيد عن الموضوع:

أشكر كل من سأل عني أو انتبه لغياب صورتي عن جزء المقالات التحليلية في صفحة FilGoal.com خلال الفترة الماضية التي أعقبت الثورة. إن شاء الله سأكتب مجددا بانتظام.