إذا كانت الأندية المناهضة لسياسة " الجبلاية " لديها الحق في مطالبها ، إلا أن موقف ناديي الزمالك والإسماعيلي هو المثير والغريب حقا ، وإذا كان موقف الأندية الغاضبة واضحا من البداية ، فموقف الزمالك والإسماعيلي غير واضح ويبدو أنهما ركبا موجة الغضب ليس لأسباب مقبولة ، ولكن لأسباب شخصية .
الغاضبون من إتحاد الكرة واضحون من البداية ومنذ فترة طويلة ، ومواقفهم معروفة للجيمع ، ولكن موقف الزمالك والإسماعيلي وضع حوله علامات إستفهام ، فالناديين الكبيرين إنضما لجبهة المعارضة بحثا عن مصالحهما الذاتية .
الزمالك إنضم للمعارضة بعد مباراة فريقه أمام فريق مصر للمقاصة إعتراضا على التحكيم ، والإسماعيلي إنضم بعد لقاء فريقه أمام طلائع الجيش إعتراضا على تفرقة إتحاد الكرة في التعامل بينه وبين الأهلي والزمالك بعدم إستقدام حكام أجانب للقاء .
التوصيف الحقيقي لموقف الزمالك والإسماعيلي هو أنه " شغل عيال " فمواقفهما غير مبنية على مبررات منطقية وقوية مثلما هو الحال بالنسبة للمعارضة المعروفة من البداية ، ولو أن إتحاد الكرة قد نفذ مطالبهما ما كانا سينضمان لجبهة المعارضة ، وهو منطق إنتهازي واضح وغير مقبول من أندية من المفترض أنها كبيرة ، وعيب عليهما أن يكون موقفهما بناء على غير منطق .
وإستكمالا لشغل " العيال " فقد بدأ من جديد سماع أصوات لحن ما يسمى بالمادة 18 من لائحة النظام الأساسي للفيفا ، التي تمنع مشاركة أكثر من ناد تابع لهيئة واحدة في نفس المسابقة ، وقاد نادي سموحة أوركسترا هذا الموسم ، وهو اللحن الذي تعودنا عليه في نهاية كل موسم منذ ما يقرب من ثلاثة أعوام ، فكل ناد يجد نفسه قريبا من الهبوط ، يرفع شعار " المادة 18 " لمحاولة الهروب من الهبوط ، وهو إبتزاز رخيص ، وإلا فلماذا لا تظهر تلك النغمة منذ البداية ؟
ولأن إتحاد الكرة أصبح مثل أطفال الشوارع فلا مانع من ضربه والطعن فيه – وهو يستحق ذلك في كثير من الأحيان – فتكتلت الأندية الغاضبة والإنتهازية ضده لتصفية حساباتها الذاتية ، فبخلاف التهديد بسحب الثقة منه ، أو التهديد بالمادة 18 ، فظهر نوعا أخر من الإبتزاز وهو الإنسحاب من اللجنة السباعية للضغط على الجبلاية لتنفيذ مطالب الغاضبين .
التصرفات الإنتهازية للأندية الغاضبة ، تماثل المظاهرات الفئوية التي عرفت طريقها للشارع المصري منذ ثورة يناير ، والتي أساءت لأهداف الثورة وصورتها ، فلا يكاد يمر يوما إلا وتجد مطالب فئوية إنتهازية رخيصة مستغلة حالة الضعف الوقتي التي تعيشها الدولة ، وهو أمر لن يستمر طويلا ، ولكن الفارق بين الدولة وإتحاد الكرة ، أن ضعف الأولى وقتي وسينتهي ، أما إتحاد الكرة فـ " عينه مكسورة ".
الغاضبون من سياسات إتحاد الكرة ، دعوا لوقفة إحتجاجية ضد الجبلاية يوم الجمعة ، في ميدان التحرير ، أطلقوا عليها " جمعة التطهير " في محاولة لإجبار الإتحاد على الإستقالة ، وطالبوا كل القوى الرياضية للحضور إلى الميدان .
المؤكد أن " جمعة التطهير الكروية " ستقام وستنتهي بلا نتائج ، وسينفض " المولد " بلا حمص ولا حلاوى نظرا للإنقسامات العديدة التي تشق الصف الكروي ، على عكس ما حدث في ميدان التحرير أيام الثورة ، أيام ما كان المصريون على قلب رجل واحد ، قبل أن تظهر المصالح الشخصية ، كما أن إتحاد الكرة سيحتمي بالفيفا ، وسيرفض الخضوع لمطالب تقديم إستقالته " لأن فيه ناس جلدها تخين "
* * قبل أن يصدر رئيس المجلس القومي للرياضة حسن صقر ، لائحة الهيئات الرياضية الجديدة التي ينوي الإعلان عنها قريبا ، نذكره بضرورة وضع إشتراطات جديدة للترشيح لعضوية مجالس إدارات الأندية والإتحادات الرياضىة ، أهمها ألا يعمل مرشح مجلس الإدارة في العمل الاإعلامي ، وهو مطلب قديم بعد الخلط الواضح في مهام أعضاء مجلس الإدارة بين العمل التطوعي والعمل الإعلامي .
نذكر حسن صقر ، أن التجربة أثبتت بما لا يدع مجالا للشك أن أعضاء مجلس الإدارة في إتحاد كرة القدم تحديدا خلطوا بين عملهم التطوعي في " الجبلاية " وعملهم أمام كاميرات التليفزيون ، وثارت أزمات عديدة بسبب ذلك الخلط ، وهو أمر لابد وأن يلفت نظر المسؤول الأول عن الرياضة المصرية لحسم الأمر ، وألا يستجيب للضغوط التي سيتعرض لها ، لأن هذه الضغوط ستكون " مشبوهه " وغير مقنعة للرأي العام ، مثل الضغوط التي يتعرض لها حاليا من قبل بعض الأندية عندما فكر في تطبيق بند الثمان سنوات على الترشيح لعضوية مجلس الإدارة .