أكاد أشعر به يلعن الظروف التي حولت أول ظهور له من مباراة تاريخية سجل فيها هدفين خارج أرضه إلى مباراة كئيبة لا يتذكر فيها أحد أدائه الطيب في ظل الحديث عن أخطاء الدفاع وهدف الثانية الأخيرة.
ولكن بغض النظر عن نتيجة المباراة وفرص الزمالك في استكمال المشوار إلى نصف النهائي، فإن الدقائق الـ45 التي لعبها سيسيه كشفت أنه مهاجم لم يتعاقد الفريق الأبيض مع مثله ربما منذ ضم حسام حسن.
وبسبب الطبيعة المختلفة لسيسيه كمهاجم، فإن توظيفه تكتيكيا هو ما سيحدد إذا ما كان سينجح مع الزمالك ويقدم عروضا مثل شوط تشيلسي الأول، أو يفشل ويرى بعضهم أنه مجرد "فرقعة" و"لا يصلح لفريق كبير".
القناصPoacher
المهاجم القناص أو ما يطلق عليه بالإنجليزية Poacher له مميزات محددة: يستطيع اللعب من لمسة واحدة، دقة عالية في إنهاء الهجمة Finishing، وأخيرا هو سريع في سباق المسافات القصيرة وذكي في التحرك خلف المدافعين.
سيسيه – لمن لم يره بتركيز مع المصري – أكد امتلاكه للمميزات الثلاثة أمام تشيلسي. اللمسة الأولى في التمرير جيدة ولمسته الأولى في التسديد ممتازة، سواء بالقدم وظهرت في الهدف الأول الـ"تشيب" أو بالرأس وظهرت في الهدف الثاني المتقن.
سرعته وضحت في الهدف الأول بضرب المدافعين للكرة البينية إضافة إلى تحركه الذكي من بداية الهجمة، والتمركز ظهر جليا أيضا في الهدف الثاني حينما عرف كيف يلتقط العرضية الصعبة ويضعها بلمسة واحدة.
عيوب هذا النوع من اللاعبين معروفة أيضا. لا تضعه في التحامات بدنية عنيفة لأنه لن يتفوق فيها، لا تدخله في سباقات طويلة المدى على الأطراف لأنها ليست لعبته، لا تخرجه كثيرا من منطقة الجزاء لأنه في أغلب الأحيان لن يعرف كيف يتصرف بفاعلية لأن عقله مبرمج على البحث عن المرمى وزاوية التصويب.
ولكي لا يكون الكلام نظريا فقط، أود أن أعرفكم بلاعب اسكتلندي مغمور من مواليد 1990 اسمه جوردان روديس، ربما سيكون له شأن كبير في المستقبل، فقط بسبب كونه قناص مذهل: يتمركز بخبث، يستخدم عقله قبل قدمه، ويضع لمسة واحدة قاتلة في الشباك
كيف ينجح؟
كي ينجح عبد الله سيسيه يجب على الزمالك أولا أن يضمن امتلاك الكرة أطول وقت ممكن وإنتاج أكبر قدر ممكن من البينيات والعرضيات، من لاعبين خط وسط مهاريين ويستطيعون التصرف في الكرة بذكاء، فأحمد حسن وإسلام عوض سيكون لهما دور كبير من العمق، وعبد الشافي وحازم إمام من على الطرفين.
بدون تمويل جيد ومستمر لن يشعر أحد بقدرات هذا اللاعب أو خطورته، لأنه لن يتراجع كثيرا كي يبني هجمة أو يتسلم في وسط الملعب، وحتى إن فعل فلن يستطيع الاحتفاظ بالكرة وبدء هجمة مع زملاء المنطلقين من الخلف.
الأمر الثاني هو وجود شخص بمواصفات عمرو زكي أو رزاق – وليس أحمد جعفر – بجواره. لكي يستطيع سيسيه مغافلة المدافعين، واحتلال مناطق سحرية خلفهم، يحتاج مهاجم قوي وسريع يخطف الأبصار ويلفت الانتباه إليه ويصعب من مهمة مراقبة هذا القناص طوال الوقت، فيتيح له التحرك الخاطف والتسديد السريع.
أما إذا لجأ المعلم حسن شحاتة إلى اللعب بمهاجم واحد، وهو قلما ما يفعل، فعليه أن يتأكد أنه مستحوذ على الكرة أغلب أوقات المباراة، لأن الكر والفر، الدفاع واللعب على المرتدات لن يستخرج أفضل ما لدى لاعب مثل سيسيه.
ولكن في النهاية، سيضمن جمهور الزمالك أنهم سيرون لاعبا يسدد على المرمى أربع أو خمس او ست مرات بدقة كل مباراة، ولن يظلوا يصرخون في اللاعبين كي يصوبوا على المرمى بدلا من انتظار شيكابالا ينهي الهجمة في كل مرة – إذا كان شيكابالا موجودا بالطبع!
Twitter: @asaied