ففور انتهاء الدربي بفوز الأهلي على الزمالك، انطلق الأهلاوية في التعبير عن فرحتهم المطعمة بالقليل من السخرية – عادة شعب مصر – وبعض المناوشات مع الزملكاوية.
وهو الأمر الطبيعي حدوثه فنحن نتحدث عن أهم مباراة في مصر وإفريقيا بل والعالم العربي، للخلفية التنافسية التاريخية والحديثة بين قطبي الكرة المصرية.
ولكن هالني أن رأيت بعض المشجعين للقلعة البيضاء وهم يستفزون الأهلاوية بوضع شعارات النادي المصري البورسعيدي وتذكيرهم بأنهم خسرو ما يزيد عن 77 مشجعا في مجزرة بورسعيد، انطلاقا من مبدأ "علمو عليكم".
وشعرت بمدى خطورة الوضع وما قد نصل له إذا لم يتم العمل على وأد تلك الظاهرة في وقت مبكر، خاصة وأنني متأكد أنه لا يوجد أهلاوي سيتعامل مع الأمر على أنه مزاح.
على مشجعي الطلرفين معرفة، أن التنافس الشديد بين الأهلي والزمالك هو من يجعل كل طرف يخشى الأخر.
وحينما يقام الدربي مهما كانت حالة الطرفين، يشعر المعسكرين بالقلق والضغط وهو ما ينعكس على تصرفات الفائز عقب المواجهة.
فإذا لم يكن الزمالك كبير ويخشاه الأهلي، لم تكن لتجد مشجعا للقلعة الحمراء يطير فرحا ويسعى للـ"ترويش" على زملائه الزملكاوية، والعكس صحيح.
وتاريخ الناديين وحاضرهما مليئ بالمواقف التي يمكن استغلالها للسخرية والاستهزاء بدون الحاجة لإقحام الشهداء.
كما أنه ليحز في نفسي، أن تنمحي كل المواقف النبيلة التي حدثت بين الطرفين عقب مجزرة بورسيعد، لمجرد أن عدد من الجماهير الزملكاوية يشعر بمرارة الهزيمة التي بدون شك سيذيقها لجماهير الأهلي في يوم من الأيام.
فالأهلاوية يعلمون جيدا، أن جماهير الزمالك وأولتراس وايت نايتس هم أكثر من وقف بجانبهم وساندهم عقب المجزرة.
ولم ينسى الأهلاوية بعد أن لاعبي الزمالك وعلى رأسهم شيكابالا الذي ذاق سباب الأهلاوية في العديد من المناسبات تبرعوا بأجزاء من رواتبهم لأسر الشهداء.
والزمالكاوية أيضا يعلمون جيدا أنهم كانو الأقرب للوقع ضحايا لتلك المجزرة، لولا أن الأهلي فقط هو من سافر بورسيعد قبلهم.
ولكن، ذلك هو حال كرة القدم، أساسها التنافس والعلاقات بين جماهيرها قائمة على الجدال والشد والجذب.
ولذلك تجد الأهلاوية يعايرون الزمالك بخسارته والعكس، وتجد الزملكاوية ينشدون الأغاني والهتافات سخرية من الأهلي والعكس، وتجد المدرج الأحمر يسب شيكابالا ونجوم الزمالك لأنه يعلم مدى قيمتهم ومهارتهم والعكس يفعله المدرج الأبيض مع أبو تريكة ورفاقه.
التنافس والشد والجذب بين الأهلي والزمالك وجماهيرهما طالما ظلت الكرة تلعب، ولكننا دائما ما كنا ندفع ثمنا فادحا بسبب نقل تلك القيم إلى حيز التعصب.
لا أطلب من الأهلاوي تشجيع الزمالك ولا أناشد الزملكاوي مساندة الأهلي، فالكرة الأوروبية التي نأخذها مثال لنا لا يحدث فيها ذلك.
ولكن جماهير مانشستر سيتي المنافس اللدود لمانشستر يونايتد تحتفل بخسارة الشياطين الحمر ولكنهم لم يعايروهم بكارثة ميونيخ.
وجماهير إنتر ميلان تجاهر بكرهها ليوفنتوس، ولكن لم نجد أحدهم يسخر من مقتل ما يزيد عن 40 مشجعا للبيانكونيري على يد جماهير ليفربول في هيسيل.
استمروا في مناوشاتكم واسخرو من أنديتكم وجاهرو بكرهكم لمنافسيكم فتلك أشياء أساسية في متعة كرة القدم، ولكن فضلا لا تقحموا شهداء تم الفتك بهم غدرا في تلك الأمور الدنيوية.