أولا: حقيقة الترجي والكرات الثابتة
هناك حقيقة واضحة مؤكدة بالأرقام تبرهن علي استغلال الترجي الفعال و المستمر لهذا التكتيك الحديث، وهي نوعية الأهداف التي سجلها فريق الدم والذهب في شباك الأهلي في لقاءات الفريقين الأخيرة.
فالترجي قد سجل سبعة أهداف في تاريخ مبارياته مع الأهلي منذ عام 1990، خمسة منها نتيجة كرات ثابتة كلها جاءت في الثلاث سنوات الماضية والمثير للانتباه أن كلها كانت مؤثرة بشكل مباشر علي النتيجة.
قلبا الدفاع يايا بانانا ووليد الهشري سجلا في الأهلي ورأسا الحربة مايكل إينرامو (بصرف النظر عن شرعية الهدف) ويانيك نجانج نجحا أيضا في هز شباك الأحمر إنها ليست مصادفة أو ضربة حظ بالتأكيد.
واعتماد العملاق التونسي علي هذا السلاح في المواجهات الكبري ليس بغريب إذ أن الأهلي ليس الضحية الوحيدة، ويشهد علي ذلك حقيقة أخري هي أن الترجي قد سجل هدفين من أصل ثلاثة بفضل الكرات الثابتة في كأس العالم للأندية العام الماضي.
أما هذا العام فقد تأهل أبناء نبيل معلول للنهائي بفضل هدف واحد في مرمي مازيمبي جاء من ركلة حرة غير مباشرة نفذها القائد خليل شمام (صانع الهدف أمام الأهلي) وسجلها المدافع محمد علي بن منصور.
ثانيا: الأهلي والكرات الثابتة
الآن دعونا نقوم بمقارنة بسيطة تظهر مدي نجاح تنفيذ الأهلي للكرات الثابتة، ولنكتفي في هذا الجزء بمجرد تسليط الضوء علي تنفيذ الركلة بصرف النظر عن ترجمتها إلي هدف أو تحليل تمركز اللاعبين اثناء التنفيذ.
بداية في رأيي الشخصي أن الأهلي يمتلك واحدا من أفضل اللاعبين علي مستوي إفريقيا والعالم العربي تنفيذا للركلات الحرة ولا أقصد محمد أبوتريكة فقط ولكن أعني عبد الله السعيد.
ويتضح لنا من مراجعة أهداف الأهلي هذا الموسم في دوري الأبطال أن الفريق قد نجح في تسجيل ثلاثة أهداف فقط من أصل 20 عن طريق كرات ثابتة (فضلا عن ضربات الجزاء).
ولنري معا بعض النماذج من مباراة الترجي التي أظهرت مدي ضعف الأهلي في هذا الجانب والغريب أيضا أن معظم هذه المحاولات غير الناجحة جاء الخطأ منها في مجرد التنفيذ.
ففي الحقيقة لا أدري كيف تمكن وليد سليمان من "التنشين" علي اللاعب الوحيد الذي أمامه بدلا من مجرد توصيل الكرة داخل الـ18 ، كما لا أجد تفسيرا للتعجل في تنفيذ بعض الكرات إلا عدم أدراك أهمية سلاح الكرات الثابتة، أو عدم وجود تعليمات معينة تجعل اللاعب ينفذ بدقة.
وظهر هذا في الخطأ الذي تحصل عليه عماد متعب قرب منطقة الجزاء (أي منطقة المتخصص عبد الله السعيد)، ثم ما كان من المهاجم الدولي إلا أن تسرع وقام بتمرير الكرة سريعا لأحمد فتحي اعتقادا منه أن هذا قد يأتي بخطورة اكبر!
ثالثا: كيف تدافع ضد الكرات الثابتة
الدفاع ضد الضربات الثابتة سواء الركلات الحرة أو الركنيات يتضمن وجهتي نظر ليس لهما ثالث وهو إما دفاع المنطقة أو دفاع رجل لرجل.
الأهلي يفضل الأسلوب المتبع في معظم مدارس الدفاع وهو مراقبة الرجل لرجل ولكن...
أولا إذا ألقينا نظرة سريعة علي أهداف الترجي في الأهلي سنجد أن مسجل الهدف في معظم الأحيان (4 حالات من5) هو اللاعب المراقب من قلب دفاع الأهلي، أي من المفترض أنه أفضل من يجيد ألعاب الهواء في الفريق المصري.
فالهشري وإينرامو تفوقا علي وائل جمعة ونجانج نجح في التسجيل علي حساب احمد السيد ولم يستطع محمد نجيب منع رأسية بانانا (مع الإعتراف أن لاعب الترجي السابق كان متسللا).
السؤال هو كيف تمكن لاعب الترجي من الوصول للكرة قبل مدافع الأهلي في كل مرة من الخمسة؟
لا يمكن أن يكون مسجل الهدف التونسي بهذه البراعة إلا إذا كان قد اعتاد علي هذه الجمل مرارا وتكرارا في التدريب، وعلي الجانب الآخر لا أتخيل أن مدافع بحنكة وخبرة جمعة قد تدرب بما يكفي علي هذه المواقف ثم أخفق في المباراة.
الملحوظة الثانية أن عدد مدافعي الاحمر في معظم الحالات لم يكن كافيا علي الإطلاق، ففي بعض الأهداف يظهر أن لاعبي الاهلي داخل الصندوق يزيدون علي لاعبي الترجي بواحد فقط، وهذا يجعل الأمر في غاية الصعوبة علي الفريق المدافع.
الخلاصة هي أن الأهلي يجب عليه اعتبار تكتيك الركلات الثابتة اولوية في مواجهة الترجي لأن كثافة فرص التسجيل من ضربات ثابتة للتوانسة ستكون أكبر في رادس.
وأخيرا لابد من مضاعفة تدريب المدافعين بشكل فردي علي المراقبة رجل لرجل، كما أن زيادة عدد المدافعين اثناء الركلة الثابتة أمر في غاية الأهمية (مع العلم أن هذا قد حدث نسبيا في آخر هدف للترجي).