كتب : إسلام مجدي | الإثنين، 19 يونيو 2017 - 15:38

حكم الفيديو.. وقتل متعة تسجيل الأهداف

حكم الفيديو

حتى وإن كانت مجرد مباراة في الموسم، وحدث بها خطأ وانتهت بنتيجة مرضية للطرفين، سنجد أصابع الاتهام والجدل يتجهان صوب لقطة أخطأ فيها الحكم، واحتسب خطأ حبست من خلاله الأنفاس وربما قد يغير شكل المباراة أم لا.

الأخطاء واردة في شتى المجالات، وبالتحديد في كرة القدم، للأخطاء طابع خاص، فهي بشكل كبير تضفي مساهمة على جانب عدم التوقع في اللعبة.

الجماهير تنقسم فإن كان الخطأ لصالحك فهي ستصمت أو تدافع عن الحكم، وإن كانت في الطرف الأخر والخطأ ضدها فالمقصلة من أجل الحكم يتم تجهيزها في الحال.

ظهرت تقنية حكم الفيديو لحسم الجدل في حالات عديدة تشهدها كرة القدم، من خلال تسخير التكنولوجيا فبإمكان الحكم ألا يخطئ بعد الآن، إذ أنه بإمكانه إعادة اللقطة ومشاهدة الفرصة مرة أخرى من خلال حكم أخر إضافة يشاهد المباراة من شاشة ويمنحه القرار، رفاهية لم تكن متوفرة من قبل.

لكن لننظر للأمر من جهة أخرى، حينما يسجل فريقك فأنت تنسى كل شيء، متاعب وظيفتك، أعباء الحياة، ما سيحدث في الغد، كل هذا يكون بعيدا عن خيالك وتطير من الفرحة سعادة بهدف فريقك.

في كل مرة تشعر بذلك مع كل هدف، ونادرا ما تحتفل لتجد حكم الراية قد رفض تلك الفرحة والفرصة بداعي التسلل. لكن ذلك ليس أمرا دائما.

حينما تم تقديم حكم الفيديو لأول مرة، كانت هناك بوادر على أن صرخات الفرحة بالأهداف قد تتلاشى للأبد، إن شاهدت مباريات تشيلي والكاميرون، البرتغال والمكسيك في بطولة كأس القارات فبإمكانك أن تعي ذلك الشعور، تنفعل وتحتفل بالهدف وتتحدث عنه، وبعد ذلك بدقيقتين يتم إلغاؤه بعد مراجعة الفيديو.

على الجانب الأخر، يتم تسجيل هدف، وينتظر اللاعبون حتى يبارك حكم الفيديو لهم ذلك الهدف، ليخسر الاحتفال سحره الجميل وأحد أهم الأسرار في لعبة كرة القدم منذ وضعت لها قوانين.

سيكون الأمر أشبه بجدال بين العقل والمنطق والقلب، تحقيق العدالة وروحها التي تسمح بالاحتفالات والمتعة للعبة خلقت من أجل ذلك فعليا وقوامها العدالة.

في بعض المباريات قد نرى الجماهير تتسارع للمناداة بتطبيق فكرة حكم الفيديو، مباراة تشيلسي وبرشلونة في 2009 بدوري أبطال أوروبا، ومباراة برشلونة وباريس سان جيرمان في 2016-2017، لن تمانع الجماهير توقف المباراة كل 40 ثانية لتفقد الفيديو، لكن أين مواصلة اللعب؟ أين المتعة في ذلك؟

بعض المباريات قد تطلب ساعتين من اللعب في بعض الأحيان إن استمر استعمال حكم الفيديو بهذه الطريقة، إضافة لذلك مع تخيل بعض القرارات مثل التسلل الخاطئ.

أراد مجلس الاتحاد الدولي الذي يسن قوانين اللعبة أن يحقق معايير الدقة والعدالة في أبهى صورها، لكن ذلك سيكون له سعره بكل تأكيد وسيكون غاليا للغاية، فما المتعة من انتظار هدف لمدة دقيقتين للاحتفال به؟ ستصفق وستقول تابع اللعب، ما الحكمة من توقف المباراة لمدة دقيقتين في كل لحظة جدلية؟

ستتحول مباريات كرة القدم شيئا فشيء إلى أشبه بما يسمى بالكادر في صناعة الأفلام، مقاطع صغيرة يسهل تجميعها ولا يمكنك الاستمتاع بمباراة بالكامل، مقاطع متحركة حتى تتوقف عند لقطة معينة، تراجعها ثم تعود للبداية لتكرار الأمر بملل شديد.

بكل تأكيد العدالة أمر واجب في شتى المجالات حتى كرة القدم، حكم الفيديو سيجلب العدالة، لكن ماذا لو لم يرغب البعض في العدالة وحكم الفيديو؟ ويعيدنا إلى سؤال هام.. لماذا تُلعب كرة القدم؟

الأمر ليس أشبه بالقاضي الذي ينتظر مقطع الفيديو للحكم في قضية مصيرية، إنها مباراة كرة قدم، إن أخطأ الحكم بطريقة عشوائية غير مقصودة فالأمر بالنسبة لي طبيعيا حتى وإن كان ضد فريقي، الخطأ جزء من متعة اللعبة، جزء من طبيعتنا البشرية.

هوجو لوريس حارس مرمى منتخب فرنسا وتوتنام قال في وقت سابق :"تقنية الفيديو تقتل متعة تسجيل الأهداف، لأنه أمر سيء أن تنتظر قبل أن يكون بإمكانك الاحتفال بالهدف".

الأخطاء ستتواصل بطريقة أو بأخرى، وسنشعر بالحزن على انتهاء متعة كرة القدم وستستمر اللعبة، ربما ليست نهاية العالم، لكن إن انتهت متعة الاحتفال بالأهداف فستخسر اللعبة سرا من أسرارها، لنأمل أن تتطور خاصة حكم الفيديو أو يثبت فشلها في الحالتين الجماهير هي الرابع الأكبر.

ناقشني

مقالات أخرى للكاتب
التعليقات