كتب : عمر ناصف | الثلاثاء، 28 مارس 2017 - 13:46

الأزمة الهولندية

هولندا

رحيل جديد لمدرب عن الدكة الفنية للمنتخب الهولندي بعد إعلان الاتحاد الهولندي لكرة القدم عن إقالة مدرب الفريق داني بليند على خلفية خسارة جديدة للطواحين في تصفيات كأس العالم المقبلة 2018 على يد بلغاريا.

خسارة أرسلت الطواحين إلى المركز الرابع بعد خمس جولات بفارق ست نقاط عن المتصدر فرنسا و3 عن وصيفها السويدي ونقطتين عن بلغاريا صاحبة المركز الثالث. الهزيمة كانت ثقيلة على أعضاء الإتحاد الهولندي الذين قرروا إنهاء عامين لبليند كمدير فني للفريق لم يقدم لهم جديدا.

تولى بليند الإدارة في ظروف صعبة بعد رحيل المدرب السابق جوس هيدينك بعد تقليصه من حظوظ الطواحين للتأهل إلى يورو 2016، ليأتي بعده بليند ويفشل في تحقيق معجزة التأهل لتغيب هولندا عن البطولة لأول مرة منذ 1984 ويتم تعيين بليند مديرا فنيا بعقد جديد للإستمرار مع المنتخب.

مشكلة كبيرة تعاني منها الكرة الهولندي في الآونة الأخيرة رغم ما حققه الفريق في كأس العالم 2014 والوصول إلى نصف نهائي قبل الخروج بركلات الجزاء الترجيحية على يد الأرجنتين ليحقق بعدها المركز الثالث بالفوز على المستضيف البرازيل بثلاثية نظيفة.

عمل المدير الفني حينها لويس فان جال كان قد انتهى، المخضرم جاء لتدريب الطواحين الهولندية وعينه على شيء واحد فقط وهو وضع أساس لجيل جديد يستطيع حمل راية الكرة الهولندية مستقبلا.

قام فان جال بالجمع بين خبرة النجوم أمثال آريين روبن وفيسلي شنايدر وروبين فان بيرسي وديرك كاوت وكلاس يان هونتيلار مع شباب ممفيس ديباي وجيورجينيو فينالدوم وجوردي كلاسي كنواة لجيل جديد يبدأ الإعتماد عليه بعد المونديال.

حاول جوس هيدينك إستكمال ما قام به فان جال ولكنه فشل، وأتى بعده داني بليند وفشل أيضا والسبب ليس في قدراتهم التدريبية في المقام الأول، ولكن في خامة وجودة اللاعبين الهولنديين حاليا.

هولندا لم تكن هولندا مع فان خال ومن قبله بيرت فان مارفيك فتركوا الكرة الشاملة وبدأ الاعتماد على نجوم وأسماء بعينها مع هذين المدربين مقابل التأمين الدفاعي أكثر، فكان وصول المنتخب إلى نصف نهائي المونديال. لا يمكن القول إن هولندا قدمت كرة ممتعة سوى أمام إسبانيا في مباراة الإفتتاح وظهر أن إسبانيا هي من كانت مريضة أكثر حينها.

نظرة عامة على الكرة الهولندية تعطيك التأكيد على ذلك فالنجوم الهولندية في الملاعب الأوروبية هم من الجيل القديم فمازال آريين روبن وشنايدر هما الهولنديان الأفضل ونجم الدوري الهولندي وأفضل لاعب فيه وقائد المتصدر فينورد هو ديرك كاوت صاحب الـ36 عاما.

من اللاعبين الشباب لا يمكن الجزم بأن هناك موهبة حقيقية أو أسطورة هولندية قادمة، فممفيس ديباي ظهر في الدوري المحلي وفشل في الدوري الإنجليزي فشل ذريع سواء مع مدربه الذي أعطاه كل الثقة لويس فان جال أو خليفته جوزيه مورينيو.

الدوري الأشهر في تصدير النجوم إلى أوروبا أصبح لا يصدر بنفس الجودة إلى الفرق الكبرى حاليا، وأصبح من النادر أن تجد لاعبا هولنديا يتصارع عليه الكبار.

العديد من النجوم الشابة ظهروا في الآونة الأخيرة في هولندا وتركوا دوريها إلى أوروبا بدون تقديم مردود إيجابي.

مثلا، سيم دي يونج صانع ألعاب أياكس السابق الذي تألق بشدة محليا ليذهب إلى نيوكاسل في إنجلترا ويفشل فشل ذريع في البريميرليج ويعود سريعا إلى الدوري الهولندي رفقة إيندهوفن حيث استعاد التألق سريعا.

نجم ومهاجم هداف أخر هو فينسنت يانسن الذي انفجر في النصف الأول من العام مع فريقه ألكمار فسجل 21 هدف خلال الأشهر الأولى من العام قبل أن يخطفه سريعا توتنام كورقة هجومية يراهن عليها الفريق مستقبلا.

ذهب يانسن إلى إنجلترا حيث تألق رود فان نيستلروي ودينيس بيركامب سابقا والحصيلة هدف وحيد من ركلة جزاء خلال 20 مباراة في البريمييرليج ومحاولات عديدة من المدرب ماوريسيو بوتشيتينو لإعطاءه الثقة في النفس.

أمثلة كثيرة على مواهب هولندية ظهرت في الدوري الهولندي وفشلت خارجه رغم المنافسة شبة المشتعلة في الدوري بين أياكس وإيندهوفن ومن ورائهم ألكمار وفينورد متصدر هذا الموسم.

المشكلة الهولندية لا تكمن في مدربي منتخبها ولكن في ندرة المواهب والأسماء القادرة على حمل راية الطواحين الهولندية أوروبيا التي غابت عنها شمس الكرة الشاملة في الفترة الماضية.

الدوري الهولندي الذي اشتهر سابقا بأكاديمياته للشباب وأبرزها أكاديمية أياكس أصبح لا يمد العالم بمواهب مميزة كما كان في السابق مما أثر على قدرة المنتخب المحلي على المنافسة بين الكبار.

هيدينك وبليند أدارا الفترة الإنتقالية بشكل مميز وحاولوا الجمع بين خبرات الجيل السابق الذي قارب على الإنتهاء وبين أفضل المواهب الهولندية المتواجدة حاليا ولكن الفارق الفني كان كبيرا جدا بين الجيلين فظهر المنتخب الهولندي بمظهره السئ حاليا.

الحظ وقف مع فان جال في المونديال فوصل إلى ما وصل إليه مع تألق نجومه الكبار ولكن برحيله أنخفض أداءهم وأصبح الإعتماد عليهم صعبا والإستغناء عنهم أصعب نظرا لغياب البديل القادر حتى على الإقتراب من مستوياتهم المنخفضة.

الحل المؤقت لهولندا؟ قد يكون الإعتماد مرة أخرى على خبرات لويس فان جال في العمل مع الأسماء الشابة لإنقاذ هولندا من فضيحة أخرى في حال فشلهم في التأهل إلى المونديال القادم.

ولكن على هولندا أن تغير من طريقة إدارتها لأكاديميات الشباب بها والتي أثبتت تخلفها في الفترة الأخيرة عن الدول الأوروبية الأخرى كألمانيا وأسبانيا ومن بعدهم البرتغال الذين يتصدرون السوق الأوروبية حاليا في وفرة المواهب الشابة سواء داخل دورياتهم أو خارجها.

فأكاديمية مثل أياكس أحد أفضل أكاديميات العالم لم تنجب في الآونة الأخيرة مواهب مميزة لهولندا سوى في الخط الخلفي من الملعب وفي السنوات العشر الأخيرة وتحديدا مع رحيل شنايدر إلى ريال مدريد لم ينتقل أي لاعب هولندي من أياكس إلى أحد الأندية "الكبرى" أوروبيا سوى الحارس ياسبر سيليسين إلى برشلونة ودايلي بليند إلى مانشستر يونايتد.

الأزمة حقيقية في هولندا، ولن تؤثر فقط على محبي المنتخب البرتقالي وإنما أيضا على عشاق ومحبي الكرة الشاملة الممتعة ومتابعي المواهب الهولندية الشابة التي نضبت في الآونة الأخيرة.

مقالات أخرى للكاتب
التعليقات