كتب : محمد البنا | الأحد، 31 يناير 2016 - 21:19

القنبلة في يد مصر

كلما أردنا أن ننسى.. يحدث شيء جديد ليجبرنا على استرجاع عدة أفكار حزينة، نتذكر أجواء كرهنا أن نعيشها مرتين. قنبلة غاز تضرب ملعب أسوان!

نعيش الذكرى الرابعة لمذبحة بورسعيد التي وقعت في الأول من فبراير 2012 التي سقط فيها 72 مشجعا أهلاويا.. وبعد أسبوع سنحيي الذكرى الأولى لمذبحة الدفاع الجوي التي فقدنا فيها أرواح 20 مشجعا زملكاويا.

ويتزامن كل هذا بعد ساعات من احتمالية وقوع كارثة جديدة في أسوان.. لنكتفي ونقول: "الحمد لله جت سليمة".

تحدث اللواء مجدي حجازي محافظ أسوان حول أسباب إطلاق قنبلة غاز وصلت إلى ملعب مباراة منتخب مصر وليبيا مما أدى لهروب اللاعبين وحالة من الفزع والعشوائية التي ضربت جنبات الاستاد ليقول بكل بساطة "أعداد زائدة أجبرتنا على إطلاق الغاز".

وعاد ليقول: "الرياح هي التي وجهت دخان القنبلة إلى أرض الملعب".. أي نعتذر عن وصول الدخان للملعب لكن لا نعتذر عن إطلاق الغاز.

ليظل مبدأ استخدام قنابل الغاز لردع جمهور غير ملتزم مباحا رغم كل الكوارث التي وقعت بسببه وآخرها في محيط الدفاع الجوي الثامن من فبراير 2015.

هنعملهم إيه يعني؟

أحد الآراء حول استخدام قنابل الغاز في إبعاد الأعداد الزائدة أثناء نقاش شخصي: "نعملهم إيه يعني.. شعب غير ملتزم يسيبوهم يدخلوا يعني وتحصل كارثة جوا؟"

بالتأكيد منع الأعداد الزائدة من اقتحام المدرجات هو الحل الأمثل ولا خلاف على ذلك، لكن كيف وصلت الأعداد الزائدة إلى محيط الاستاد؟

ألا يوضع عوائق أو حواجز أو كمائن أو أي شيء يعطل وصولها لبوابات الاستاد؟ هذا أيضا مسؤولية الأمن ولا يمكن أن نرفع الحرج عنهم.

يد مصر

حقيقة في أثناء تلقي نبأ إلقاء قنبلة الغاز في ملعب أسوان.. كنت في مدرجات الصالة المغطاة لاستاد القاهرة حيث مواجهة مصر وأنجولا في قبل نهائي كأس الأمم الإفريقية.

انبهرت من النظام الذي وجدته وشعرت بشيء جديد افتقدناه طويلا.. صوت المدرجات كان رائعا حقا.

لكن أكثر ما لفت نظري.. رجل أمن قوي البنيان يقف على الباب، وبجواره أحد الشباب المتطوعين في تنظيم البطولة، الأول منعني من الدخول حتى ينظر المتطوع في بطاقة الهوية الخاص بالصحفيين الذي أحمله.

في الأخير سمح ليه المتطوع بالدخول مع استجابة سريعة لرجل الأمن. كل هذا لم يستغرق سوى ثلاث ثوان فقط.

المشهد ظل مرتبط في ذهني، أن رجل الأمن يأخذ تعليمات من يدخل ومن لا يدخل من شاب مدني متطوع لإنجاح تنظيم البطولة.. وهذا سر الإنبهار الذي تحدثت عنه سلفا.

بين أسوان والقاهرة

في القاهرة: الجمهور نجح في شراء تذاكر الدخول بالتعاون مع شركة "مدرج" واتحاد كرة اليد ووزارة الرياضة بشكل مُنظم جدا.. لم ألاحظ وجود سوق سوداء كالعادة.

في أسوان: أعداد دخلت ملعب مباراة أسوان.. ولحق بها آلاف يريدون الدخول واقتحام الملعب.

في القاهرة: الأمن يساعد المدنيين في إنجاح تنظيم بطولة أمم إفريقيا.

في أسوان: الأمن يضرب الغاز على المدنيين بحجة منعهم من الدخول إلى المدرجات.

في القاهرة: اللاعبون يرقصون مع الجمهور الذي يشعل حماسهم ورجال الأمن يتحمسون مع أهداف مصر.

في أسوان: اللاعبون يهربون إلى غرف خلع الملابس بعد قنبلة غاز وصلت آثرها إلى ملعب أسوان.

في القاهرة: نعم نستطيع تنظيم حدث كبير بدون مشكلة واحدة.

في أسوان: نحن فاشلون على إبعاد بعض الجماهير عن الملعب وفاشلون في تأمين مباراة كرة قدم.

بين القاهرة وأسوان.. طبيعة الجمهور واحدة وإن كان أطيبها سكان مدينة أسوان.. الأمن بالعقلية ذاتها، أراد إنجاح حدث، فكان.. وأراد أن يقذف بقنابل الغاز وقد كان.

في رأيكم.. أي المشهدين أفضل؟

مقالات أخرى للكاتب
التعليقات